المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   المنتديات الادبيه العامه (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=590)
-   -   في الواقع والواقعية (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=223843)

جنات فلسطين 9/2/2009 01:46 PM

في الواقع والواقعية
 

في الواقع والواقعية

يدور جدل ميدانه الساحة الثقافية العالمية حول الواقع والواقعية، وحول علاقة الادب بالواقع، وحول طبيعة الواقعي عموماً، وولدت "مدارس واقعية"عديدة وظل الأدب الواقعي غير محدد.‏

وتشعبت الاسئلة وتعقدت فصارت مشكلات، وتباعدت وجهات النظر وتضاربت الآراء. و(تمترست) وراء متاريس المدارس الأدبية والثقافية جهات غير أدبية، وكانت الجهات السياسية وراء أكثر المتاريس، ولم يصل أحد من المتجادلين إلى تعريف دقيق وشامل للواقعي.. وكثر الخروج من الأدبي إلى السياسي ومن السياسي إلى الأدبي .. وقالت فئة : الواقعي هو الموضوعي وعرفت الموضوعي تعريفات تحتاج إلى تعريفات وشروح .... فالموضوعي وفق أحد التعاريف هو: ماهو خارج ذهني وليس بحاجة إلى أي ذهن كي يوجد .‏

ودار الصدام بين ماهو خارج ذهني وبين ماهو داخل ذهني واقيمت بينهما جدران واسوار كتيمة، واستخدمت في الاشتباكات القتالية مدفعية الميدان الفلسفية بعيدة المدى .. وضاقت الشقة أحياناً بين "علم الأدب" وبين "علم الجمال" وعادت إلى الاتساع في أحيان أخر.. وكثر العجيج والضجيج، وعلا الغبار وكثرت الاتهامات، والاتهامات المضادة، وكانت كل فئة تعبر عن ديمقراطيتها الكاملة بالدعوة إلى نسف الآخر وهدم كامل بنيانه وعدم الاستفادة من انقاضه في إقامة ابنية جديدة.. لأن أبنية جميع المتجادلين كانت كاملة :"على المفتاح" .‏

وشغلت ذهني طويلاً في المسألة، وكان ذهني المتعب يعيدني إلى البساطة كلما تعقدت الأمور. كنت أفكر أحياناً، على سبيل المثال، بالعملية الحسابية البسيطة جداً:"1+1=2" إذ لاوجود مجرد لكلمة واحد في الواقع، والمسألة هي مسألة تجريدية مارسها الذهن البشري وحل انطلاقاً منها وبناء عليها الكثير من مسائل الفكر عموماً، وكذلك الكثير من مشكلات الحياة، واقنعت نفسي، من ثم، بأن مسائل الرياضيات الحديثة والفيزياء الحديثة وغيرها هي مسائل ذهنية- واقعية، أو واقعية ذهنية إذا شئتم ..وصرت أرى أن حركة الفكر وعملية التفكير التي تجري داخل الذهن هي واقعية نسبياً، ومن ثم، هي موضوعية نسبياً.‏

وبعد أن تعبت من متابعة المجادلات الصاخبة والهادئة، الحامية والفاترة والباردة، ومع احترامي لجلال قدر الكثيرين من الذين أسهموا في الجدال، قررت أن أطرح أمامكم في هذه السطور هذه المسألة العويصة طرحاً يتسم بالبساطة قدر الامكان .. وقد صغت السؤال على الشكل التالي: ماهو الشئ غير الواقعي؟ وما هوالادب غير الواقعي؟ آملاً أن تستبعد هنا المسائل السياسية إلى حين، وهي المسائل التي تقحم مباشرة في كل مجال وفي كل حين.‏

قد يكون الجواب الأبسط والأشمل عن هذا السؤال هو : الواقعي هو الموجود، وكل مايوجد يصير واقعاً أو واقعياً ولافرق، العدم المطلق، المستحيل فلسفياً وعقلياً، هو وحده غير واقعي، والذين يؤكدون نفي صلة الأدب بالتجربة الحياتية، أي بالممارسة معيشياً، لا عبر الثقافة فحسب، مسمين ذلك نفياً لصلة الأدب بالواقع أو بالحياة إنما يقعون في غلطين كبيرين، لايختلف أثنان بشأنهما، وإن كنا قد نختلف في مسألة تحديد أي منهما أكبر من الآخر. أولهما أنهم ينسون أو يتناسون أن إمكان استقلال الإبداع عن التجربة لايكون إلاّ نسبياً جداً .. إذ يستحيل ألاّ تلقي البيئة والزمان وأحداث الحياة الشخصية "أي التجربة الحياتية" شيئاً من ظلالها، أو أن تضفي شيئاً من تلويناتها على الناتج الابداعي. ولو كان الأمر خلاف ذلك لأنتج مبدعان لهما ثقافة متماثلة اعمالاً ابداعية متماثلة، وهذا نادر الحدوث، ونكاد نزعم أنه مستحيل الحدوث، وأكثر من ذلك يستحيل أن يعيد الكاتب نفسه كتابة رواية أو قصة، تماماً كما سبق له أن كتبها. ومن هنا يكون من قبيل المبالغة زعم الشكلانيين أن سيرة الأديب أوالفنان ليست سوى نتاج ثانوي للفن، وليست السبب في وجوده، أو من أسباب وجوده، كمايبدو مبالغة أكبر قولهم (إن المبدع هو "نتاج الإبداع" وليس منتجاً له)‏

والخطأ الثاني هو فصلهم ثقافة المبدع عن سيرته، وبالتالي عن تجربته، فصلاً تعسفياً.‏

ويعتبر من قبيل المبالغة أيضاً زعم أصحاب مدرسة التحليل النفسي أن الابداع عملية مرتبطة باللاشعور وحده، فما هواللاشعور؟ وهل هو غير الواقع الذي عشناه ونسيناه أو عاشه أجدادنا في أثناء مراحل تطور الجنس البشري ثم توارثوه جيلاُ بعد جيل، وتطوروا عبره وبه فكراً وجسداً وحسن أداء إلى أن وصل إلينا ؟ إن اللاشعور هو واقع كان فاعلاً وعلى السطح، ثم توالت الأحداث والوقائع فاغرقته إلى حيث سكينة الأعماق، وشغلنا عنه بما يستجد من أمور يومية واحداث، وقد يرقد هناك لكنه لايفقد فاعليته..(فما من شيء يفنى في الطبيعة ).‏

وقد يكون مسوّغا السؤال التالي: لماذا يستيقظ اللاشعور، أو هذا الجانب منه إثر هذا الحادث أو ذاك؟ ولماذا لايستيقظ كله، بكل مخزوناته دفعة واحدة، أوحين نطلب منه إرادياً أن يستيقظ؟ وهل يحدث التداعي إلا بتأثير حادث واقعي محدث.؟ وحتى لو كان هذا لامكان له .. فهل يمكن نفي أن اللاشعور كان واقعاً شخصياً أو كونياً، كمن في أعماقنا ثم استيقظ؟ وهل كمونه يلغي أنه كان واقعاً ؟ وهل استيقاظه يلغي، تماماً، الحاضر الذي نعيش فيه، أم أن التداخل والتمازج أمر قائم وموضوعي، ومن ثم واقعي.؟‏

وإذا كان الواقعي أو الموضوعي غير محتاج إلى ذهني كي يوجد فان ذهن الانسان محتاج إلى وجوده، إذ لاوجود له إلاّبه . ونحن محتاجون إلى إدراكه بعمق وإلى فهم النواميس الطبيعية التي يسير طبقاً لها. وعملية الابداع لاتحتاج إلى وجود الاشياء الموضوعي خارج اذهاننا وحسب بل هي تحتاج إلى وجود تصور محدد عنها في أذهاننا تحديداً، والتصور الذي يتشكل في أذهاننا يصير المادة الاساس لابداعنا، وبصيرورته ابداعاً يصير واقعاً ملموساً خارج أذهان الآخرين، إلى أن يطلعوا عليه، ويصير بالتالي جزءاً من بنية أذهانهم لتولد من تفاعله مع مافي أذهانهم ومع مافي خارجها أعمال جديدة، فنزداد إدراكا للواقع، ويتطور فهمنا لجوانبه المتعددة. وتغتني صورته في أذهاننا وتتبدل تطورياً مع الزمن.‏

ويكون كل ماهو ذهني واقعياً بمعنى من المعاني، إذ يتجسد في عمل فكري أو في ممارسة مكوناً بنية من بنى الواقع الفاعلة فيه. وقد نختلف حول مدى دقة عكس الذهني للواقع، فنقول: هذا تصور غير متكامل أو ساذج، أو غير جوهري، أو حتى خرافي، ومع ذلك نكون مضطرين إلى القول إنه عكس للواقع. فالعدم المطلق، لافكرة العدم التي صارت واقعاً، العدم المطلق لايغني شيئاً ولايغتني بشيء.‏

وإذاكان الواقع معطى كاملاً وشاملاً فإن عملية إدراكنا له ليست كذلك.إنها تتكامل وتتسع مع كل إبداع، وبعد كل ممارسة.. وليست إقامة الجدران المصطنعة بين الواقعي والمعرفي في صالح أحد، بالمعنى الاستراتيجي للتطور البشري. أما السؤال: كيف نعكس هذا الواقع فينقلنا من تخوم الأدب إلى تخوم علم الجمال.. وأما السؤال: من يخدم عكسنا هذا الجانب من الواقع وبهذه الطريقة فيخرجنا من عالمي الجمالي والأدبي ويدخلنا أويزج بنا في عالم السياسة، ويضعنا أمام مسألة الطبقات والفئات الاجتماعية، وتآلفها، أو تنافرها، تآخيها أو تصارعها.. وهي مسألة شائكة.. ولن تحسم عبر مناقشات مسائل الادب.‏

إن مهمة الأدب الأساسية هي أن يبدع الجمالي، ولن يتاح له ذلك إلاّ إذا عكس فنياً المسائل الجوهرية التي يطرحها عصر المبدع. وإنها لمهمة جليلة ومجيدة. ويكفيه مجداً أن يؤديها في كل حقبة من حقب التاريخ.‏



هشام زايد 10/2/2009 11:56 AM

رد: في الواقع والواقعية
 
شكراااااااااااااااااااااااااااااا

alimahmed 10/2/2009 05:11 PM

رد: في الواقع والواقعية
 
تسلمى يا غاليه

عمرالفولي 12/2/2009 01:13 PM

رد: في الواقع والواقعية
 


مشكووووووووووووووووورة
سلمت يداك واصلى ابداعك

الكنج ميدو 5/7/2011 07:20 AM

رد: في الواقع والواقعية
 
http://img229.imageshack.us/img229/9923/e1pp7yy2iv7.gif


الساعة الآن 12:53 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir