المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   شخصيات اسلامية (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=636)
-   -   سلمان الفارسي (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=296349)

ايهاب هاشم 17/9/2009 02:54 AM

سلمان الفارسي
 
سَلْمَاْنُ الفَارِسِيُّ

(( لو كان الإيمان بالثُّريَّا لتناوله رجال من هؤلاء )) ... ( قالها الرسول صلى الله عليه وسلم وكان واضعا يده على سلمان )
......................

قصتنا هذه هي قصة السّاعي وراء الحقيقة ، الباحث عن الله عزّ وجلّ ... قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه .
فلنترك لسلمان نفسه المجال ليروي لنا أحداث قصته ... فشعوره بها أعمق ، وروايته لها أدقّ وأصدق ...
قال سلمان : كنت فتىَ َ فارسيا من أهل أصبهان (أصبهان أو أصفهان : مدينة بوسط إيران ؛ بين طهران وشيراز ) ، من قرية يقال لها ( جَيَّان) وكان أبي دُهقان القرية ( أي: رئيسها) وأغنى أهلها غنى ، وأعلاهم منزلة . وكنت أحبَّ خلق الله إليه منذ ولدت ، ثم ما زال حبّه لي يشتدّ ويزداد على الأيام حتى حبسني في البيت خشية عليَّ ، كما تحبس الفتيات .
وقد اجتهدت في المجوسيَّة(دين يعبد أصحابه النار أو الشمس) ، حتى غدوت قيّم النار التي كنّا نعبدها ، وأنيط بي ( أُوكل إلي) إضرامها حتى لا تخبو ساعة في ليل أو نهار ... وكان لأبي ضيعة عظيمة تدر علينا غلّة كبيرة ، وكان أبي يقوم عليها ويجني غلّتها .
وفي مرة شغله عن الذهاب إلى القرية شاغل ، فقال : يا بني إني قد شغلت عن الضيعة بما ترى ، فاذهب إليها وتولّى اليوم عنّي شأنها ، فخرجت أقصد ضيعتنا ، وفيما أنا في بعض الطريق مررت بكنيسة من كنائس النصارى ؛ فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلّون فلفت ذلك انتباهي .
لم أكن أعرف شيئا من أمر النصارى أو أمر غيرهم من الأديان لطول ما حجبني أبي عن الناس في بيتنا ،
فلمّا سمعت أصواتهم دخلت عليهم لأنظر ما يصنعون . فلمّا تأمّلتهم أعجبتني صلاتهم ، ورغبت في دينهم وقلت :
والله هذا خير من الذي نحن عليه ، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس ، ولم أذهب إلى ضيعة أبي ، ثم إنّي سألتهم : أين أصلُ هذا الدين ؟ ... قالوا : في بلاد الشام .
ولمّا أقبل الليل عدت إلى بيتنا فتلقّاني أبي يسألني عمّا صنعت ، فقلت : يا أبت إني مررت بأناس يصلّون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم ، وما زلت عندهم حتى غربت الشمس ... فذُعر أبي ممّا صنعت وقال : أيْ بني ليس في ذلك الدين خير ... دينك ودين آبائك خير منه .
قلت : كلا – والله- إنّ دينهم خير من ديننا ، فخاف أبي ممّا أقول ، وخشي أن أرتدّ عن ديني ، وحبسني بالبيت ؛ ووضع قيدا في رجلي .
ولمّا أُتيحت لي الفرصة بعثت إلى النصارى أقول لهم : إذا قدم عليكم ركب يريد الذهاب إلى بلاد الشام فأعلموني .
فما هو إلا قليل حتى قدم عليهم ركب مُتّجه الى بلاد الشام ، فأخبروني به ؛ فاحتلت على قيدي حتى حللته ، وخرجت معهم متخفّيا حتى بلغنا بلاد الشام ... فلما نزلنا فيها ، قلت : من أفضل رجل من أهل هذا الدين ؟
قالوا : الأُسقُفُ راعي الكنيسة (الأسقف: مرتبة من مراتب رجال الدين عند النصارى فوق القسّيس ودون المطران )، فجئته فقلت : إنّي قد رغبت في النصرانيَّة ، وأحببت أن ألزمك وأخدمك وأتعلّم منك وأصلّي معك .
فقال : ادخل ، فدخلت عنده وجعلت أخدمه .... ثم ما لبثت أن عرفت أنّ الرجل رجل سُوء ، فقد كان يأمر أتباعه بالصدقة ويرغِّبهم بثوابها ، فإذا أعطوه منها شيئا لينفقه في سبيل الله ؛ اكتنزه لنفسه ولم يعط الفقراء والمساكين منه شيئا ، حتى جمع سبع قلال من الذهب ( القلال : جمع قلة وهي الجرة العظيمة ) .
فأبغضته بُغضا شديدا لِمَا رأيته منه ، ثم ما لبث أن مات فاجتمعت النصارى لدفنه ، فقلت لهم :
إن صاحبكم كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغّبكم فيها ، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا .
قالوا : من أين عرفت ذلك ؟! .... فقلت : أنا أدلّكم على كنزه .
قالوا : نعم دلّنا عليه ، فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وفضّة ، فلّما رأوها قالوا :
والله لا ندفنه ، ثم صلبوه ورجموه بالحجارة .
ثم إنه لم يمض غير قليل حتى نصّبوا رجلا آخر مكانه ، فلزمته ، فما رأيت رجلا أزهد منه في الدنيا ، ولا أرغب منه في الآخرة ، ولا أدأب منه على العبادة ليلا ونهارا ، فأحببته حبّا جمّا (كثيرا) ، وأقمت معه زمانا ، فلمّا حضرته الوفاة قلت له :
يا فلان إلى من تُوصي بي ، ومع من تنصحني أن أكون من بعدك ؟ .
فقال : أي بنيَّ ، لا أعلم أحدا على ما كنت عليه إلا رجلا بالموصل هو فلان لم يحرّف ولم يبدّل فَالْحق به .
فلما مات صاحبي لحقت بالرجل في الموصل ، فلمّا قدمت عليه قصصت عليه خبري وقلت له : إنّ فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك ، وأخبرني أنّك مُستَمسِك بما كان عليه من الحق ، فقال : أقِم عندي ... فأقمت عنده فوجدته على خير حال .
ثم إنه لم يلبث أن مات ، فلمّا حضرته الوفاة قلت له : يا فلان لقد جاءك من أمرِ الله ما ترى وأنت تعلم من أمري ما تعلم ، فإلى من تُوصي بي ؟ .... ومن تأمرني باللَّحاق به ؟ .
فقال : أي بني ، والله ما أعلم أن رجلا على مثل ما كنّا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به (نصيبين: مدينة على طريق القوافل من الموصل إلى الشام ، وتبعد عن الموصل ستة أيام ) .
فلمّا غُيِّب الرجل في لحده لحقت بصاحب نصيبين وأخبرته خبري وما أمرني به صاحبي ، فقال لي :
أقم عندنا ..... فأقمت عنده فوجدته على ما كان عليه صاحباه من الخير ، فوالله ما لبث أن نزل به الموت ، فلمّا حضرته الوفاة قلت له : لقد عرفت من أمري ما عرفت ، فإلى من توصي بي ؟ .
فقال : أي بني ، والله إني ما أعلم أحدا بقي على أمرنا إلا رجلا بعمّوريّة هو فلان ، فالحق به ..... فلحقت به وأخبرته خبري ، فقال : أقم عندي ... فأقمت عند رجل كان - والله- على هدي أصحابه ، وقد اكتسبت وأنا عنده بَقَرَاتِ ِ وغُنَيْمَةَ َ.
ثم ما لبث أن نزل به ما نزل بأصحابه من أمر الله ، فلما حضرته الوفاة قلت له : إنك تعلم من أمري ما تعلم ، فإلى من توصي بي ؟ ..... وما تأمرني أن أفعل ؟ .
فقال : يا بني - والله- ما أعلم أن هناك أحدا من الناس بقي على ظهر الأرض مستمسكا بما كنّا عليه ..... ولكنّه قد أظلّ زمان (دنا وقرب) يخرج فيه بأرض العرب نبيّ يُبعث بدين إبراهيم ، ثمّ يهاجر من أرضه إلى أرض ذات نخل بين حرّتين ( الحرّة: أرض ذات حجارة سود نخرة ) ، وله علامات لا تخفى ... فهو يأكل الهديّة ، ولا يأكل الصدقة ... وبين كتفيه خاتم النبوّة ، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل .
ثم وافاه الأجل ، فمكثت بعده بعمّوريّة زمنا إلى أن مرّ بها نفر من تجّار العرب من قبيلة (( كَلْبِ ِ ))... فقلت لهم: إن حملتموني معكم إلى أرض العرب أعطيتكم بقراتي هذه وغُنيمتي ، فقالوا :
نعم نحملك ، فأعطيتهم إياها وحملوني معهم حتى إذا بلغنا (( وادي القرى)) غدروا بي وباعوني لرجل من اليهود ، فالتحقت بخدمته ... ثم ما لبث أن زاره ابن عمّ له من بني قريظة فاشتراني منه ، ونقلني معه إلى يثرب فرأيت النخل الذي ذكره لي صاحبي بعمورية ، وعرفت المدينة بالوصف الذي نعتها به ، فأقمت بها معه .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ يدعو قومه إلى مكّة ، لكني لم أسمع له بذكر لانشغالي بما يوجبه عليَّ الرقُّ .
ثمّ ما لبث أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يثرب ، فوالله إني لفي رأس نخلة لسيدي أعمل فيها بعض العمل ، وسيدي جالس تحتها إذ أقبل عليه ابن عمّ له وقال : قاتلَ الله بني قَيْلَةَ (الأوس والخزرج) ، والله إنهم لمجتمعون بقُباء(اسم بئر قرب المدينة) ، على رجل قدِم عليهم اليوم من مكّة يزعم أنّه نبيُّ .
فما إن سمعت مقالته حتى مسّني ما يشبه الحمّى ، واضطربت اضطرابا شديدا حتى خشيت أن أسقط على سيّدي ، وبادرت إلى النزول عن النخلة ، وجعلت أقول للرجل : ماذا تقول ؟! أعد عليَّ الخبر ..... فغضب سيّدي ولكمني لكمة شديدة ، وقال لي : ما لك ولهذا ؟! ... عُد إلى ما كنت فيه من عملك .
ولمّا كان المساء أخذت شيئا من تمر كنت جمعته ، وتوجَّهت به إلى حيث ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم ، فدخلت عليه ، وقلت له : إنه قد بلغني أنك رجل صالح ، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ، وهذا شيء عندي للصدقة فرأيتكم أحقّ به من غيركم ، ثم قرّبته إليه ، فقال لأصحابه :
كُلوا ... وأمسك يده فلم يأكل ... فقلت في نفسي: هذه واحدة .
ثم انصرفت وأخذت أجمع بعض التمر ، فلمّا تحوّل الرسول صلى الله عليه وسلم من قباء إلى المدينة جئته فقلت له : إني رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها ..... فأكل منها وأمر أصحابه فأكلوا معه .... فقلت في نفسي : هذه الثانية .
ثم جئت رسول الله لى الله عليه وسلم وهو ((ببقيع الغرقد)) (مكان في المدينة المنورة ؛جُعل مدفنا) ، حيث كان يواري أحد أصحابه ، فرأيته جالسا وعليه شملتان (الشملة :الكساء الغليظ) ، فسلّمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره لعلّي أرى الخاتم الذي وصفه لي صاحبي ... فلمّا رآني النبي صلى الله عليه وسلم أنظر إلى ظهره عرف غرضي ، فألقى رِداءه عن ظهره ؛ فنظرت فرأيت الخاتم ، فعرفته ... فانكببت عليه أُقبّلُه وأبكي .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما خبرك ؟! .
فقصصت عليه قصّتي ، فأُعجب بها ، وسرَّه أن يسمعها أصحابه منّي ، فأسمعتهم إياها ، فعجبوا منها أشدّ العجب ، وسرّوا بها أعظم السّرور .

فسلام على سلمان الفارسيِّ يوم قام يبحث عن الحق في كلِّ مكان .
وسلام على سلمان الفارسيِّ يوم عرف الحقَّ فآمن به أوثق الإيمان .
وسلام عليه يوم مات ، ويومَ يُبعثُ حيَّا

علاء غنيم 17/9/2009 02:58 AM

رد: سلمان الفارسي
 
بارك الله فيك

ايهاب هاشم 17/9/2009 03:49 AM

رد: سلمان الفارسي
 
شكرا لمرورك الغالى استاذنا الغالى كل سنة وانت طبيب

solaymani 17/9/2009 05:10 AM

رد: سلمان الفارسي
 
بارك الله فيك أخي الكريم

باسل الترك 17/9/2009 09:31 AM

رد: سلمان الفارسي
 
بارك الله فيك أخي الكريم على هذا المجهود الكبير
نتمنى منك المزيد من المشاركات المتألقة


الساعة الآن 01:13 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir