المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   المكتبه الاسلاميه (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=411)
-   -   صَومُ الصّبيَان (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=173719)

ايهاب هاشم 16/9/2008 01:11 AM

صَومُ الصّبيَان
 
صَومُ الصّبيَان

الصبيان زينة الحياة وبهجة النفوس ، وأُنس الآباء والأمهات، قال تعالى : ﴿المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف : 46] .
إن مما يفرحنا في رمضان ، ويسرّنا كثيراً رؤية الأطفال الصغار في رمضان وهم في فرح وسرور بمقدم الشهر ، بل إننا نرى أعداداً منهم غير قليلة تقرأ القرآن وتصلي التراويح كما يصنع آباؤهم ومربُّوهم والناس أجمعون .
والأعظم من ذلك أن هناك من الأبناء الصغار مَن يصوم رمضان أو شيئاً منه ، وربما بعضهم راجَعَ أباه في مسألة الصيام ، لأن الأب يخشى عيه عدم التحمّل وهو صغير .
كل ذلك يدل دلالة واضحة على بقاء الخير في الأمة ، حتى إن ناشيئتها وزهورها لتتسابق إلى الخيرات والطاعات ، فلله الحمد أولاً وآخراً .
إن تلكمُ الصورة الرائعة تبشّر بخير ونعمة ورخاء ، لكننا نطمع ونطمح في أبنائنا وصغارنا أعظم من ذلك ، لأننا نؤمّل فيهم أموراً عِظاماً ، ونرتقب فيهم هماً متيناً لدينهم وأمّتهم ، فهم تاج الأمّة ومجدها وذخيرتها ، وهم عزها وحاضرها ومستقبلها .لهذا وغيره ينبغي علينا أن نجدّ بعلمٍ وحزم في تربية أبنائناوالنهوض بعقولهم وأفكارهم وفق الضوابط الشرعية المستقاة من الكتاب والسنّة وطريقة السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .

ولقد كان السلف الصالح ـ رضي الله عنهم يعون هذه المسألة جيداً ، ويعطونها قدراً وافراً من حياتهم ، لذا فقد أحيوا في قلوب أبنائهم التوحيد وحبّ خالقهم ، وغرسوا فيهم مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب ، فلا غرو أن تسمع من صغيرهم طيب المقال وحَسَنه ورفيعه ، ولا عجبَ أن يُشاهَد صغيرهم ذا همّة عالية وصبرٍ ونضال ، يعيش التضحية والفداء ، ويتمنى الشهادة في سبيل الله تعالى ، فلقد رُبُّوا على ذلك أحسن التربية وأتمّها .
عن الرُّبيعة بنت معوِّذ قالت : "أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار فقال : (مَن أصبح مُفطراً فليتمّ بقية صومه ، ومَن أصبح صائماً فليصُم) قالت : "فكنّا نصومه بعد ، ونُصومه بعد ، ونُصوِّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العِهن ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار"(البخاري (1960) ، ومسلم (1136) .)، ولفظ مسلم : "فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تُلهيهم حتى يتموا صومهم".
وكان مجتمعهم المبارك لا يسمح بأية مخالفة أو سلوك سيئّ ، ينافي توافقهم وائتلافهم على طاعة ربهم ، حتى إنهم لَيُقبِّحوا فعائل عُصاتهم بمحاسن صغارهم وأبنائهم .
روى البخاري في صحيحه معلّقاً بصيغة الجزم عن عمر رضي الله عنه أنه قال لنشوان ـ أي سكران ـ في رمضان : "وصبياننا صيام ؟ فضربه" أي جلدَه حدّ الخمر ، وهذا الأثر وصله سعيد بن منصور في سننه(البخاري (2/48) .).

إن صوم الصغار والصبيان هدى حسَن وسنّة سلفية وتربية جادّة ، وقد استحب جماعة من السلف صوم الصبيان منهم : ابن سيرين والزهري ، وقال به الشافعي ، أنهم يؤمَرون به للتمرين عليه إذا أطاقوه(فتح الباري (4/236) .) ، وقد حّده بعضهم بسنّ معينة ، والصواب أنهم متى ما أطاقوا أُمروا بالصوم تعويداً لهم .
إن أبناءكم ـ أيها الآباء ـ أمانة في أعناقكم ، فارعوا هذه الأمانة وقوموا بما ينبغي تجاهها ، فالله تعالى سائلكم ومحاسبكم عمّا استرعاكم .
قال صلى الله عليه وسلم : (كُلّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعّيته) (البخاري (893) ، ومسلم (1829) عن ابن عمر رضي الله عنه .).
"إن قلب الابن الصغير نقيّ طاهر ، وهو جوهرة نفيسة خالية عن كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل ما نُقش ، ومائلٌ إلى كل ما يُمال به إليه ، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وشاركه في ثوابه أبوه وكل معلِّم له ومؤدِّب ، وإن عُوِّد الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك ، وكان الوزر في رقبة القيّم عليه والوالي له ، وقد قال عز وجل :
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ﴾ [التحريم : 6] .
ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فبأن يصونه عن نار الآخرة أولى ، وصيانته بأن يؤدبه ويهذّبه ، ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من القرناء السوء ، ولا يعوّده التنعّم ولا يحبب إليه الزينة والرفاهية ، فيضيع عمره في طلبها إذا كبر فيهلك هلاك الأبد" ( الإحياء (2/78) .).
إنه لَمُرَبٍّ صالح وقيّم ناجح ذلك الأب الذي غرس حب الصيام في نفوس بنيه منذ الصغر ، إذ أن الصيام مدرسة وتعليم ، حوى من المعاني الحسَنة والحِكَم الجليلة والفوائد النبيلة ما لو تحققت في صيامنا لانتفع بها أبناؤنا وصغارنا .
إننا في رمضان نربي أبناءنا على الصيام ونحبّبهم إليه ، ولا نكتفي بذلك فحسب ، بل نبيّن لهم أن رمضان موسم خير ورحمة لا يصلح فيه شيء من اللعب واللهو ، والأحرى بنا فيه أن نتسابق إلى الخيرات والباقيات الصالحات ، فيشهد الصغار مع آبائهم التراويح ويقرأون القرآن ، ويستمعون الذكر ويعيشون المعروف والإحسان .
عندئذٍ ترقى عقول هؤلاء الصبِّية ، وتكبر نفوسهم ، وتتسع مداركهم وتعلو هممهم ، فلقد أصبحوا على أساس من التربية متين ، وبناءٍ من الخير والخلُق العظيم .
وحول الصبيان في رمضان وصومهم ثمّة تنبيهات مهمة :

1- هناك آباء لا يُشِركون أبناءهم في فرحتهم برمضان والابتهاج
به ، ولا يحسّسونهم بدخوله وأهميته وما ينبغي فيه ، وهذا
لا ريب أنه خطأ يجب تداركه ، لأن صيام رمضان من شعائر الدين المباركة التي يجب أن تظهر وتبرز في كل مكان يُعبد الله تعالى فيه ، ونحن إذ نذكّر أبناءنا المميزين بدخول رمضان لكي يفرحوا به مثلنا ، إنما نربّيهم على تعظيم أركان الإسلام وإجلال شعائر المِلّة .
2- عدم تمرينهم على الطاعة والصيام : فيوجد بعض الآباء ،يهمل قضية تعويد الصغار على الصيام بحجّة أنهم لم يبلغوا ولن يطيقوا، أو ربما كان ذلك غفلةً وتساهلاً منه ، وهذا غير لائق بالأب المسلم الصالح الذي يريد أن تقرّ عيناه بصلاح ابنه وهدايته، وهو قد سمع ما نقلناه عن السلف الصالح وعنايتهم بهذا الأمر ومبالغتهم فيه ، بل أبلغ من ذلك وأصرَح أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ويقرّه ، مع مَن هم دون التمييز .
فقدى روى الإمام ابن خزيمة في صحيحه بسندٍ قال الحافظ : لا بأس به(فتح

الباري (4/237) .عن رَزينة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر مرضعاته في عاشوراء ورُضعاء فاطمة فيتف في أفواههم ويأمر أمهاتهم أن لا يرضعن إلى الليل"(صحيح ابن خزيمة (2089) .)

وأهميته وفضله ، ويحذّره من معصية ترك الصيام بعد حصول البلوغ ,والتكليف .وغالب مَن يقع في هذا المزلق الخطِر ، من نشّأَ أبناءه على حب التنعُّم

والرفاهية وطلب الدّعة والراحة ، فيكبر الابن ويشبّ وتبين عضلاته

، ولا يزال عقله صغيراً وفكره هزيلاً متماوتاً ، والله المستعان ! .

وهنا أذكّر بأمر وهو أنه ينبغي عند أمر هؤلاء الصبية الصغار بالصوم

والعبادة أن يكون ذلك بأحسن الأساليب وألطفها وأرفقها ، فلا يؤخّذون

بقوة ولا عُنف ولا شدّة ، بل يُرغَّبون في الطاعة ، ويحبَّبون إليها ويُشجَّعون على ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : (إنّ الله يحب الرِّفق في الأمر كلِّه) (البخاري (6024) ، ومسلم (2165وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : (إنّ الرفق لا يكون فى شئ إلازانه ولايُنزعُ من شئ إلاشانه)(مسلم(2594)من حديث عائشة رضى الله عنها)

، وفيه أيضاً عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (مَن يُحرَم الرفق يُحرَم الخير) (مسلم(2592)

3-ترك الأبناء الصغار في الشوارع والطرقات : وهذاأمر وبيلٌ مرتعه ، وخيمٌ مصرعه ، قد فشا في هذه الأزمان بسبب كثرة الملهيات والمغريات ، وهو دليل غفلة الراعي ، وعلامة تضييعه لبنيه وأحبابه ، إذ أن الشوارع والطرقات تكتظّ بجموع الشباب ، المتباينة أسنانهم وأخلاقهم وفيها من أنواع اللعب والسفاهات ما يفسد علينا الأبناء ، وينزلهم الحضيض ويفقدهم الخير والصلاح ومحاسن الخِلال . وهذا البلاء يشتد ويكثر في رمضان حيث ينام الناس في النهارويحيون الليل ساهرين وسامرين على ضروب اللهو والفساد ، وقد يمتد سهرهم ولهوهم وباطلهم إلى العشر الأواخر الكريمات ، فلا يخشون فيها لومة لائم أوإنكارمنُكرروزاجر ، بل تطول غفلتهم إلى صلاة الفجر وما بعدها والعياذ بالله ، فإذا رأيتهم رأيت بينهم طفلاً صغيراً ، وصبياً بريئاً لا يعي من فسادهم كثيراً ولا قليلاً . والله المستعان ! .أين أمانتكم ـ أيها الآباء ـ وأين رعايتكم وحفظكم
لصبيانكم وما استرعاكم الله تعالى عليه ، ثبت في الصحيحين من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(مَا من عبدٍ يسترعيه الله رعيّة يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلاحرّم الله عليه الجنة)وفى رواية (فلم يحطهابنصحه لم يجدرائحة الجنة)(البخاري (7150) ، ومسلم (142) .)

إننا لَنخشى على هؤلاء الآباء والأولياء ، من هذا الوعيد الشديد إذا أهملواأبناءهم وضيّعوهم ولم يقوموابحق النصيحة والتربية والصيانة . ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْوَأَهْلِيكُمْ نَاراًوَقُودُهَا النَّاسُ

وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ

مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم : 6]
.

malek_3006 16/9/2008 01:15 AM

رد: صَومُ الصّبيَان
 
جزاكم الله خيرا
أخي إيهاب

انور حافظ احمد 16/9/2008 02:30 AM

رد: صَومُ الصّبيَان
 
http://img229.imageshack.us/img229/9923/e1pp7yy2iv7.gif

بلال الفهد 16/9/2008 09:15 AM

رد: صَومُ الصّبيَان
 
مشكور وبارك الله فيك

alimahmed 17/9/2008 10:21 PM

رد: صَومُ الصّبيَان
 
جزاك الله خيرا


الساعة الآن 01:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir