المهندسين العرب - حوار مع رجل سُلطَة

دخلت شاكيا وقد لُوِّن رأسي بدماء حمراء ، تعلوها مفاهيم حقوق الإنسان والديمقراطية والحداثة ، وحق الإنسان في الحياة . وحقي في ازالة الألوان الحمراء العالقة برأسي ، خلف ذلك الكرسي المعشوق تلقَّفني بالسؤال رجل بدين ، وقد علق فوق كتفيه كلّ انواع الشطائر والفطائر ، ارعبني سؤاله الاستنكاري ، فشرحت له أنني الضحية ولستُ الجاني ، قلتُ يا سيدي بينما كنتُ اسير وصحبي على هامش الرصيف " جلدني " اقصد صدمني متهور سكران يحسب النهار ليلا ، فأخالُه بعوضة رآني ، او قطة قرب فيل من المباني ، دهسني يا سيدي ، وكلي الوان حمراء ، لا الأمن ( الشرطة ) رأيته ولا الإسعاف اتاني ، عالجتُ الواني ، وهممتُ قاصدا " ثلاجة الأموات " عذرا ابغي مستشفى الحياة ، وجدتُ زبانية يا سيدي بقضبان من لهب ، وغابت ملائكة الرحمان ( الممرضون ) إلا من وزرات بيضاء متناثرة في ارض بوار سوداء .. رحلتُ على الفور قبل تعجيل أجلي ، فكم من مسكين مات لأنه حاول معالجة مرض الزكام ، وكم قُطعت اياد وارجل من اجل مغص في البطون ..

" هيه ! كُفّ عن هذا فأنت تتحدث في السياسة " قاطعني الرجل البدين خلف الكرسي المعشوق وفوق كتفيه كل انواع الفطائر والشطائر .

قلتُ عذرا سيدي ، فأنا أُميّ لم أنهل من علمكم سوى نزر قليل ..

قال : أنت متهم بالبلاغ الكاذب وازعاج السلطات ، وتضييع وقت الدولة ، وتفويت وتعطيل مصالح الشعب ، ومحاولة الاشادة بالإرهاب والتعدي على رجل قانون واهانته ..اتعلم عقوبة هذه الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول الأربعة من القانون ..

قلت : وأنا في الطريق يا سيدي ، حدثني سائق سيارة أجرة أنك الأقوى في هذه المدينة ، وأن كلامك سوط من سياط العدالة ، وأنك يا سيدي مثال للطهر والنقاء وعفة الضمير ، ونصرة المظلوم ، والذوذ عن الحق ، وأنك علم من أعلام بلادي ، ولقد وجدنا فيك الأب الحنون .

اعتدلَ في جلسته وقد بدت نواجده فخرا ، وكبرياء

قال : ما قضيتك يا بُني ، تكلم ولا تخف ، فأنت في حضرة رجل أمين .

قلت : لقد " جلدني " أقصد صدمني ودهسني بسيارته وكان في حالة تخدير لا يفرق بين ذكر وأنثى ، ولا نهار أو ليل .

قال : ومن يكون هذا الصعلوك الذي يستحق القتل جهارا نهارا ؟

قلت : للأسف الشديد أنتَ يا سيدي ..