المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   المنتدي الاسلامي (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=38)
-   -   إتقان العمل بين الواقع والمأمول (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=698127)

عبدالرازق ابو محمد 9/4/2015 10:22 AM

إتقان العمل بين الواقع والمأمول
 


http://www.mohtarefon.com/download/pics/bsmalah/88.gif

إتقان العمل بين الواقع والمأمول

أحبتي في الله: إن هناك انفصاما وانفصالا كبيرا بين الواقع والمأمول في إتقان العمل؛

فتجد أن الفرد يعمل بجد وإخلاص وجودة وإتقان إذا كان يعمل لنفسه؛ إما إذا كان يعمل في شركة أو وظيفة أو مؤسسة أو وزارة؛ فإنه لا يبالي بعمله؛ وإن شغله الشاغل التوقيع في دفتر الحضور والانصراف ( شاهد الزور ) ؛ ولا يهمه بعد ذلك جودة أو خدمة أو إتقان أو قيام مجتمع أو سقوطه أو مراقبة أو غير ذلك !!! وأسوق لكم قصة واقعية تدل على ذلك: يروى أن هناك رجلا بناء يعمل في إحدى الشركات لسنوات طويلة؛ فبلغ به العمر أن أراد أن يقدم استقالته ليتفرغ لعائلته؛ فقال له رئيسه: سوف أقبل استقالتك بشرط, أن تبني منزلا أخيراً ..؛ فقبل رجل البناء العرض؛ وأسرع في تخليص المنزل دون (( تركيز وإتقان))

من ثم سلم مفاتيحه لرئيسه ..فابتسم رئيسه وقال له: هذا المنزل هدية منِّي لك بمناسبة نهاية خدمتك للشركة طول السنوات الماضية؛ فَصُدِمَ رجل البناء؛ وندم بشدة أنه لم يتقن بناء منزل العمر!! أقول: لماذا تَرضَى للآخرين ما لا ترضاه لنفسك؟!! لماذا تهتم بعملك الخاص ونفعه خاص غير متعدٍّ، ولا تهتم بأعمال الآخرين والوظائف العامة ونفعها يعم الآخرين؟!! فالله غني عن أعمالك وعبادتك وليس بحاجة إليها ..فأنت الذي بحاجة إليها وإلى أجرها العظيم ..وكل عمل تقدمه – خيرا أو شرا مُتقَنا أو غير متقنٍ – فهو لك؛

وهذه القصة تؤيد هذا الكلام: في يوم من الأيام استدعى الملك وزراءه الثلاثة، وطلب من كل وزير أن يأخذ كيساً ويذهب إلى بستان القصر ويملأ هذا الكيس له من مختلف طيبات الثمار والزروع، وطلب منهم أن لا يستعينوا بأحدٍ في هذه المهمة وأن لا يسندوها إلى أحد آخر؛ فاستغرب الوزراء من طلب الملك وأخذ كل واحد منهم كيسه وانطلق إلى البستان؛ فالوزير الأول حرص على أن يُرضِيَ الملك فجمع من كل الثمرات من أفضل وأجود المحصول وكان يتخيّر الطيّب والجيّد من الثمار حتى ملأ الكيس؛ أما الوزير الثاني فقد كان مقتنعاً بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه وأنه لن يتفحص الثمار، فقام بجمع الثمار بكسل وإهمال فلم يتحرَّ الطيّب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق؛ أما الوزير الثالث فلم يعتقد أن الملك سوف يهتم بمحتوى الكيس أصلاً، فملأ الكيس بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار . وفي اليوم التالي، أمر الملك أن يُؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها، فلما اجتمع الوزراء بالملك أمر الملك الجنود بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة ويسجنوهم كل واحد منهم على حده مع الكيس الذي معه لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل إليهم فيه أحد كان, وأن يمنع عنهم الأكل والشراب؛ فالوزير الأول بقي يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى انقضت الأشهر الثلاثة، والوزير الثاني عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمداً على ما صلح فقط من الثمار التي جمعها؛ أما الوزير الثالث فمات جوعاً قبل أن ينقضي الشهر الأول. والحكمة هي أن نسأل أنفسنا أي نوع نحن؟! فنحن الآن في بستان الدنيا، نغش ونتكاسل ونتهرب من أعمالنا!!

نداهن ونراشي على حساب مجتمعنا!! نجمع من الأعمال الطيبة، أو الأعمال الخبيثة، ولكن غداً عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك، في ذلك السجن الضيِّق المظلم وحدك، فماذا تعتقد أنه سوف ينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا !!

ونقف الآن مع أنفسنا ونقرر، ماذا سنفعل غداً في سجننا ؟!! ولنتذكر دائماً أن إتقان العمل يتبعه نتائج رائعة، لذا، علينا إتقان العمل مهما كانت دواعيه وأسبابه. عباد الله: راقبوا ربكم في أعمالكم؛ راقبوا الله في وظائفكم؛ راقبوا الله في تجارتكم وزراعتكم وتجارتكم؛ إنكم إن فعلتم ذلك عاش الجميع في سعادة ورخاء؛ وإلا عم القحط والجدب والفقر البلاد والعباد.

وإليكم هذه القصة في هذا المضمون: يحكى أنه حدثت مجاعة بقرية؛ فطلب الوالي من أهل القرية طلبًا غريبًا كمحاولة منه لمواجهة خطر القحط والجوع؛ وأخبرهم بأنه سيضع قِدرًا كبيرًا في وسط القرية؛ وأن على كل رجل وامرأة أن يضع في القِدر كوبًا من اللبن بشرط أن يضع كل واحد الكوب متخفيا دون أن يشاهده أحد؛ فهرع الناس لتلبية طلب الوالي؛ فكل منهم تخفى بالليل وسكب الكوب الذي يخصه؛ وفي الصباح فتح الوالي القدر .. وماذا شاهد؟! شاهد القدر وقد امتلأ بالماء!! أين اللبن؟! ولماذا وضع كل واحد من الرعية الماء بدلاً من اللبن؟! الإجابة: أن كل واحد من الرعية قال في نفسه: ” إن وضعي لكوب واحد من الماء لن يؤثر على كمية اللبن الكبيرة التي سيضعها أهل القرية “؛ وكل منهم اعتمد على غيره؛ وكل منهم فكر بالطريقة نفسها التي فكر بها أخوه، وظن أنه هو الوحيد الذي سكب ماءً بدلاً من اللبن، والنتيجة التي حدثت: أن الجوع عم هذه القرية ومات الكثيرون منهم ولم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات!!
هل تصدق أنك تملأ الأكواب بالماء في أشد الأوقات التي نحتاج منك أن تملأها باللبن؟! عندما لا تتقن عملك بحجة أنه لن يظهر وسط الأعمال الكثيرة التي سيقوم بها غيرك من الناس فأنت تملأ الأكوب بالماء!!! حين تملك العلم وتبخل به عن الآخرين فأنت تملأ الكوب بالماء!! حين تبيع للناس الوهم والخزعبلات فأنت تملأ الكوب بالماء!!

حين تطلق على نفسك الألقاب المزيفة بدون حق فأنت تملأ الكوب بالماء!! حين تعلم الآخرين ( فضائل أنت لا تملكها ولا تعمل بها فأنت تملأ الكوب بالماء!! حين تعمد لزرع الفتن وسط المجتمع من أجل مصالحك الشخصية فأنت تملأ الكوب بالماء!! حين تسفك دماء الأبرياء بغير حق فأنت تملأ الكوب بالماء!! حين تهدم الكفاءات والقدرات وتضع الحسالى والكسالى في مناصب القيادة فأنت تملأ الكوب بالماء!!

أحبتي في الله: إننا في حاجة ماسة إلي إتقان العمل ، وخاصة في عصر ضاعت فيه القيم واختلط الحابل بالنابل ، وضاعت الثقة بين الناس ، والعامل لا يهمه إلا جمع المادة وتعداد ساعات العمل ، دون النظر إلى جودة أو إتقان. إننا يجب أن نغرس في نفوس أبنائنا خلق مراقبة الله في جميع أحوالنا وأعمالنا وحركتنا وسكوننا؛ قال سهل بن عبد الله التستري: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سواء فقال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي الله ناظرٌ إلي الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة، فقلته فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل من كان الله معه وناظراً إليه وشاهده أيعصيه؟! “( إحياء علوم الدين)؛

أبداً لا يعصه ولا يقصر في عمله؛ بل يحسنه ويُجَوِّدُه ويتقنه. وقد ضرب لنا المربى العظيم صلى الله عليه وسلم مثلاً عملياً في التدريب العملي للأبناء على إتقان العمل، فعن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلام يسلخ شاة، فقال له: ” تنح حتى أريك، فإني لا أراك تحسن تسلخ” فأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين الجلد واللحم فدحس بها(مدّها) حتى توارت على الإبط، وقال: ” يا غلام؛ هكذا فاسلخ !”ثم مضى.” ( صحيح ابن حبان )؛

فلم يستنكف ولم يستكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقف مع الغلام ويساعده في عمله ويسهّل له ما شق عليه، ويعلمه ما خفي عليه من إتقان السلخ!! إنها يقظة المعلم وإحساس المربى بمسئولية الإرشاد والتقويم الدائم المباشر، في كل وقت وعمل.

فما أجمل أن يتخلق المجتمع بهذا الخلق القويم النبيل خلق إتقان العمل وجودته ، حتى يتحقق الأمن والرخاء والسلام والمودة ، وتزداد الثقة والروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وخاصة في السلوك الاقتصادي.


ايمن مغازى 19/4/2015 03:51 PM

رد: إتقان العمل بين الواقع والمأمول
 
شكراااا لك اخى
وجزاااك الله خيرا

۩►☼ ‏هانى على ☼◄۩ 19/4/2015 05:26 PM

رد: إتقان العمل بين الواقع والمأمول
 
بارك الله فيك اخى
الله يعطيك العافية

masar 19/4/2015 08:23 PM

رد: إتقان العمل بين الواقع والمأمول
 
شكراجزيلا لك


الساعة الآن 07:27 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir