المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   المنتدي الاسلامي (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=38)
-   -   الحث على الإخلاص (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=694317)

عبدالرازق ابو محمد 24/2/2015 07:17 AM

الحث على الإخلاص
 

http://i19.servimg.com/u/f19/11/22/96/58/64621911.gif

الحث على الإخلاص

عباد الله: الإخلاص من أهم القيم الأخلاقية التي حث عليها الشارع الحكيم؛ لأن العمل بلا إخلاص لا قيمة له عند الله؛ لذا كان الإخلاص في القول والعمل شرطاً لقبول الأعمال عند الله.

والإخلاص مصدر أخلص يخلص؛ وهو مأخوذ من مادّة (خ ل ص) الّتي تدلّ على تنقية الشّيء وتهذيبه؛ والمعنى: تنقية الشئ مما علق به من شوائب تؤدي إلى فساده، ومنه قوله تعالى:{وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}(النحل: 66)؛ أي أن الله خلَّص اللبن من بين الدم والفرث وجعله لبنا خالصاً منقَّى بأحدث أنواع التقنية الربانية!!!

قال سهل بن عبد الله: “الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة”.
وقال يحيى بن معاذ: الإخلاص يميز العمل من العيوب كتمييز اللبن من الفرث والدم.؛ فكذلك ينبغي أن تكون أعمالك وأقوالك في حركتك وسكونك خالصة لله؛ ليس للنفس فيها حظ من مدح أو ثناء أو شهرة أو غرضٍ دنيويٍّ!! ؛ وقريء {إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (ص/ 83) بالفتح والكسر؛
قال ثعلب: يعني بالمخلِصين الّذين أخلصوا العبادة للّه تعالى. وبالمخلَصين الّذين أخلصهم اللّه- عزّ وجلّ- فالمخلَصون المختارون، والمخلِصون: الموحّدون. ولذلك قيل لسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} سورة الإخلاص. قال ابن الأثير: لأنّها خالصة في صفة اللّه تعالى وتقدّس. أو لأنّ اللّافظ بها قد أخلص التّوحيد للّه عزّ وجلّ.

وحقيقة الإخلاص: أن يستوي العمل في الظاهر وفي الباطن, والرياء أن يكون الظاهر خيراً من الباطن، والصدق في الإخلاص أن يكون الباطن خيراً من الظاهر, فإذا استوت عبادتك في خلوتك كعبادتك في جلوتك, وإذا استوى عملك في السر كعملك في العلانية، وإذا استوى ظاهرك مع باطنك فأنت مخلص, فالحد الأدنى الأساسي أن يستوي الظاهر مع الباطن، السريرة مع العلانية.

لذلك رأى أبو أمامة رجلاً يبكي في المسجد في سجوده فقال أنت أنت لو كان هذا في بيتك!!!

وقال بعضهم : الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الحق.
وسئل الحسن عن الإخلاص فقال: أن تكتم حسناتك ولا تحب أن تكتم سيئاتك!!
أما إذا كنت تريد من عملك أو عبادتك منفعة أو شهرة ومدح وثناء؛ فهذا رياء وليس من الإخلاص في شئ!!

فمن أنفق ليقال جواد وكريم!! ومن قرأ ليقال قارئ!! ومن حج ليقال حاج!! ومن تعلَّم ليقال عالم!! ومن صلَّى ليقال عابد!! ……إلخ كل هؤلاء ليس لهم حظٌ من أعمالهم!!
كما ينبغي على العبد أن يجعل الإخلاص لله وسيلة لا غاية وقصدًا، فكثير من الناس يجعل الإخلاص وسيلة لأحد المطالب الدنيوية. وقد نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على تلك الآفة الخفية، فكان مما قال -رحمه الله-:

“حكي أن أبا حامد الغزالي بلغه أن من أخلص لله أربعين يومًا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه قال: فأخلصت أربعين يومًا فلم يتفجر شيء، فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي: إنك إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله تعالى”. [ درء التعارض – ابن تيمية ]

لذلك تضافرت النصوص من القرآن والسنة تحث على الإلزام بقيمة الإخلاص في القول والعمل؛ فقد وردت مادة الإخلاص ومشتقاتها في كتاب الله تعالى: إحدى وثلاثين مرة.
قال تعالى على لسان نبيه عليه السلام: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ؛ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ؛ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ؛ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي؛ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}( الزمر: 11-15)

بل إن الله أمر أهل الكتاب من قبلنا بذلك فقال:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة: 5]
والإخلاص هو الذي أمر الله العباد بالتزامه، وهو الذي ابتلاهم به، فقال في كتابه الكريم: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك: 2]، وقوله تعالى: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الكهف: 7]،

قال ابن كثيرٍ رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآية الكريمة مبيناً هذا الأمر العظيم، والركن المتين: “لم يقل أكثر عملاً بل أحسن عملاً، ولا يكون العمَلُ حسنًا حتى يكون خالصًا لله عز وجلّ على شريعةِ رسول الله، فمتى فقَد العمل واحدًا من هذين الشّرطين حبط وبطل”, وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: “أَخلَصُه وأصوَبُه، فإذا كان العمل خالصًا ولم يكُن صوابًا لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًالم يُقبَل، فلا بدّ أن يكون خالصًا صوابًا” (تفسير البغوي)

لذلك كان يوصي النبي -صلى الله عليه وسلم- الولاة والأمراء بالإخلاص؛ فعن معاذ بن جبل، رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن : يا رسول الله أوصني، قال: « أخلص دينك يكفك العمل القليل » (الحاكم والبيهقي وضعفه الألباني)؛

وأخبرنا –صلى الله عليه وسلم- بأن الله لا يقبل من العمل إلا الخالص له؛ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقالَ: أرأيتَ رجلًا غزا يلتمسُ الأجرَ والذِّكرَ ، ما لَهُ ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : لا شيءَ لَهُ فأعادَها ثلاثَ مرَّاتٍ ، يقولُ لَهُ رسولُ اللَّهِ : لا شيءَ لَهُ. ثمَّ قالَ : إنَّ اللَّهَ لا يقبلُ منَ العملِ إلَّا ما كانَ لَهُ خالصًا ، وابتغيَ بِهِ وجهُهُ” [ السلسلة الصحيحة – الألباني ]

عباد الله: كثير من الناس – للأسف – لا يخلص لله في عمله أو التجائه إلى الله إلا في وقت الشدة والأزمات والمصائب والكربات!! أما في وقت رخائه وسرَّائه وسعة رزقه فإنه ينسب الفضل لغير الله عز وجل!!؛ وهذا ما سجله القرآن والسنة؛ قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} ( العنكبوت: 65)؛

لذلك ينبغي عليك الإخلاص في جميع أحوالك وأفراحك وأتراحك؛ “روى أن عِكْرِمَةُ رَكِبَ الْبَحْرَ – مَعَ جَمَاعَةٍ- فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا؛ فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِي مِنْ الْبَحْرِ إِلَّا الْإِخْلَاصُ لَا يُنَجِّينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ! اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ؛ فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا فَجَاءَ فَأَسْلَمَ!!” ( النسائي وصححه الألباني في الصحيحة)؛ فكان إخلاصه في التجائه إلى الله سبباً في إسلامه؛ وهكذا ينبغي أن نكون!!

أحبتي في الله: ومن لوازم الإخلاص في الأعمال: أن ينظر العبد في باعث العمل قبل إتيانه، ما هو الباعث للعمل؟ أهو إخلاص لله؟!! أم هو رياء وسمعة؟!! ولهذا كان بعض السلف إذا قيل لأحدهم تعالى نحضر جنازة فلان والصلاة عليه. فيقول له: اصبر حتى أحضر للأمر نية، حتى يوجه بوصلة القلب إلى الله وابتغاء مرضاته، فعندما يحاسب المسلم نفسه، ويرجع إلى نيته هل هي مخلصة، فيذهب لأداء هذا العمل, أم أنها ليست مخلصة لله فيجلس خيراً من أن يذهب؟!!

قال ابن عقيل: “كان أبو إسحاق الفيروز بادي لا يُخرج شيئاً إلى فقير إلا أحضر النية، ولا يتكلم في مسألة إلا قدم الاستعانة بالله وإخلاص القصد في نصرة الحق دون التزيين والتحسين للخلق. ولا صنف مسألة إلا بعد أن صلى ركعتين فلا حرج أن شاع اسمه واشتهرت تصانيفه شرقاً وغرباً، وهذه بركات الإخلاص”. (بدائع الفوائد لابن القيم)

أيها الخطباء! أيها الدعاة! أيها القادة والسادة! أيها الحكام والوزراء! أيها العمال والموظفون! أخلصوا لله في أعمالكم وأقوالكم؛ إنكم إن فعلتم ذلك إخلاصا لله كان النفع والقبول والأجر والجزيل؛ وإلا كانت أعمالكم وأقوالكم هباءً منثوراً؛ فما خرج من القلب وصل إلى القلب وما خرج من اللسان لا يتجاوز الآذان!! قيل لحمدون بن أحمد: “ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا، قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق”.(حلية الأولياء)

masar 24/2/2015 08:44 AM

رد: الحث على الإخلاص
 
بارك الله فيك

عبدالرازق ابو محمد 24/2/2015 10:14 AM

رد: الحث على الإخلاص
 
شكرااا للمرور

انطونى سات 24/2/2015 06:38 PM

رد: الحث على الإخلاص
 
بارك الله فيك اخي الكريم


الساعة الآن 09:15 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir