المهندسين العرب

المهندسين العرب (http://www.mohandsen.net/vb/index.php)
-   قسم الشعر والأدب المنقول (http://www.mohandsen.net/vb/forumdisplay.php?f=586)
-   -   من روائع الفصحى للشعراء العرب ... (http://www.mohandsen.net/vb/showthread.php?t=745415)

مدحت الجزيرة 23/9/2016 12:50 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
ابراهيم ناجى
الختــــام


عجباً لقلب هيض منكَ جناحُهُ
وجرى به نصلُ الندامةِ يذبحُ
ومضى الحِمامُ يدبُّ فيه فإن جرتْ
ذ**** طار إليك وهو مجنَّحُ
لهفي على الناقوس بين جوانحي
وعلى بقيةِ هيكلٍ لا تصلحُ
لا فرق بين أنينه ورنينهِ
وصداه في وادي المنيةِ أوضحُ
يا قلب! صهباء الهوى وبساطه
وكؤوسه المتجاوبات الصُّدَّحُ
وقفٌ على متنقلين على الهوى
يبغون من لذاته ما يسنحُ
متبدِّلين موائداً وأحبةً
ما خاب من حب فآخر يفلحُ
فالحبُّ آسيه وراء عليله فيهم
وبلسمه على ما يجرحُ
يا قلبُ! ويح ثباتنا ماذا جنى
أترى شعاعاً في البقيةِ يُلمحُ!
يا أيها الحبُّ المقدَّسُ هيكلاً
ذاق الردى من عابديك مسبحُ
كثرت ضحاياه وطال قياُمه وصيامه
فمتى رضاءَك تمنحُ؟
يا دوحة الأرواح يُحمد عندها
فيءٌ ويعبد زهرُها المتفتحُ
أينال ظلَّك والرعايةَ عابثٌ
بجلالك البادي وآخر يمزحُ
ويبيت يحرمه قتيل صبابةٍ
قضّى الحياةَ إلى ظلالك يطمحُ
ليلى! حببتُكِ كالحياة وذقتُ
في ناديك كأساً بالأماني تطفحُ
فتكسرت قدح المنى ورجعتُ
من سقم الهوى وهزاله أترنحُ
نزل الستار على الرواية وانقضتْ
تلك الفصولُ وفُضَّ ذاك المسرحُ

مدحت الجزيرة 23/9/2016 12:54 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
اراهيم ناجى
في الظلام


أليلاي ما أبقى الهوى فيّ من رشدِ فردي
على المشتاقِ مهجتَه ردِّي
أينسى تلاقينا وأنت حزينةٌ ورأسك
كابٍ من عياءٍ ومن سهدِ
أقول وقد وسّدتُه راحتي
كما توسّد طفلٌ متعبٌ راحة المهدِ..
تعاليْ إلى صدرٍ رحيبٍ وساعدٍ حبيبٍ
وركنٍ في الهوى غير منهدِ
بنفسي هذا الشعر والخُصَل التي تهاوت
على نحرٍ من العاجِ مُنقدِ
ترامتْ ما شاءتْ وشاء لها الهوى
تميل على خدٍّ وتصدفُ عن خدِ
وتلك الكروم الدانيات لقاطفٍ
بياض الأماني من عناقيدها الرّبْدِ
فيا لك عندي من ظلامٍ محببٍ
تألق فيه الفرقُ كالزمن الرغد
ألا كُلُّ حسنٍ في البرية خادمٌ
لسلطانة العينين والجيدِ والقدِّ
وكل جمالٍ في الوجود حياله
به ذلةُ الشاكي ومرحمةُ العبدِ
وما راع قلبي منك إلا فراشةٌ من الدمعِ
حامتْ فوق عرش من الوردِ
مجنحةٌ صيغتْ من النور والندى ترفُّ
على روضٍ وتهفو إلى وردِ
بها مثل ما بي يا حبيبي وسيِّدي
من الشجن القتال والظمأ المُردي
لقد أقفر المحرابُ من صلواته
فليس به من شاعرٍ ساهرٍ بعدي
وقفنا وقد حان النوى أي موقفٍ
نحاول فيه الصبرَ والصبرُ لا يجدي
كأن طيوفَ الرعبِ والبين موشكٌ
ومزدحمَ الآلامِ والوجدُ في حشدِ
ومضطرمَ الأنفاسِ والضيقُ جاثمٌ
ومشتبك النجوى ومعتنق الأيدي
مواكب حُرس في جحيم
مؤبد بغير رجاءٍ في سلام ولا برد
فيا أيكة مدّ الهوى من ظلالها ربيعاً
على قلبي وروضاً من السعد
تقلصتِ إلا طيفَ حبٍّ محيّرٍ
على درجٍ خابي الجوانب مسودِّ
تردَّدَ واستأنى لوعد وموثقٍ
وأدبرَ مخنوقاً وقد غص بالوعدِ
وأسلمني لليلٍ كالقبرِ بارداً
يهب على وجهي به نفسُ اللحدِ
وأسلمني للكون كالوحش راقداً
تمزقني أنيابُه في الدجى وحدي
كأن على مصر ظلاماً معلقاً
بآخر من خابي المقادير مربدِ
ركودُ وإبهامٌ وصمتٌ ووحشةٌ
وقد لفها الغيبُ المحجبُ في بُردِ
أهذا الربيعُ الفخمُ والجنةُ
التي أكاد بها أستافُ رائحةَ الخلدِ
تصيرُ إذا جن الظلامُ ولفها
بجنحٍ من الأحلام والصمتِ ممتدِّ
مباءةَ خمّارٍ وحانوتَ بائعٍ شقيِّ
الأماني يشتري الرزق بالسهدِ
وقد وقف المصباحُ وقفة حارس
رقيب على الأسرارِ داعٍ إلى الجدِّ
كأن تقياً غارقاً في عبادةٍ يصوم
الدجى أو يقطع الليلَ في الزهدِ
فيا حارس الأخلاق في الحيِّ نائمٌ قضي
يومَه في حومة البؤسِ يستجدي
وسادته الأحجارُ والمضجعُ الثرى
ويفترش الافريزَ في الحر والبردِ
وسيارةٌ تمضي لامر محجبٍ
محجبة الأستار خافية القصدِ
إلى الهدف المجهولِ تنتهبُ الدجى
وتومض ومض البرق يلمع عن بُعدِ
متى ينجلي هذا الضنى عن مسالكٍ
مرنقة بالجوع والصبرِ والكدِّ
ينقبُ كلبٌ في الحطام وربما
رعى الليل هوٌّ وساهرٌ وغفا الجندي
أيا مصر ما فيك العشية سامرٌ
ولا فيك من مصغِ لشاعرك الفردِ
أهاجرتي، طال النوى فارحمي
الذي تركتِ بديدَ الشملِ منتثرَ العقدِ
فقدتكِ فقدانَ الربيعِ وطيبَهُ
وعدتُ إلى الإعياء والسقم والوجدِ
وليس الذي ضيعتُ فيك
بِهَيِّنٌ ولا أنتِ في الغيّاب هينة الفقدِ
بعينيك استهدي فكيف تركتني
بهذا الظلام المطبق الجهم أستهدي
بورْدِكِ أستسقي فكيف تركتني
لهذي الفيافي الصم والكثب الجردِ
بحبكِ استشفي فكيف تركتني
ولم يبق غير العظم والروح والجلدِ
وهذي المنايا الحمر ترقص في دمي
وهذي المنايا البيض تختل في فودي
وكنت إذا شاكيت خففت محملي
فهان الذي ألقاه في العيش من جهدِ
وكنت إذا انهار البناءُ رفعتُهُ
فلم تكنِ الأيامُ تقوى على هَدِّي
وكنت إذا ناديتُ لبيْتِ صرختي
فوا أسفاً كم بيننا اليوم من سدِّ
سلامٌ على عينيك ماذا اجنتا
من اللطف والتحنان والعطف والودِّ
إذا كان في لحظيك سيفٌ ومصرعٌ
فمنكِ الذي يحي ومنكِ الذي يردي
إذا جُرِّد لم يفتكا عن تعمدٍ
وإن أغمدا فالفتك أروع في الغمدِ
هنيئاً لقلبي ما صنعتِ ومرحبا
وأهلا به إن كان فتكُكِ عن عمدِ
فإني إذا جن الظلامُ وعادني
هواك فأبديتُ الذي لم أكن أبدي
وملتُ برأسي باكياً أو مواسياً وعندي
من الأشجان والشوقِ ما عندي
أُقبِّلُ في قلبي مكاناً حللتِه
وجرحاً أناجيه على القرب والبعدِ
ويا دار من أهوى عليكِ تحية على أكرم
الذكرى على أشرف العهدِ
على الأمسيات الساحرات ومجلسٍ كريمِ
الهوى عفِّ المآرب والقصدِ
تنادُمنا فيه تباريحُ معشرٍ على الدم
والأشواك ساروا إلى الخلدِ
دموعٌ يذوب الصخر منها فإن مضوا
فقد نقشوا الأسماءَ في الحجرِ الصلدِ
وماذا عليهم إن بكوا أو تعذبوا
فإن دموعَ البؤسِ من ثمنِ المجدِ ..

مدحت الجزيرة 23/9/2016 12:55 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
ابراهيم ناجى
أنــوار


طابت بكِ الأيامُ وافرحتاهْ أنتِ الأمانيْ والغنى والحياهْ
فليذهبِ الليلُ غفرنا لهُ ما دام هذا الصبح عقبى دجاهْ
يا من غَفَتْ والفجرُ من دارِها شعشعَ في الآفاق أبهى سناهْ
قد طرق الباب فتىً متعبُ طال به السير وكلَّت خطاهْ
نقَّل في الأيام أقدامَهُ يبغي خيالاً ماثلاً في مناهْ
عندك قد حطّ رحال المنى وفي حمى حسنِك ألقى عصاهْ
كم هدأ الليلُ وران الكرى إلا أخا سهدٍ يغنِّي شجاهْ
ناداك من أقصى الربى فاسمعيْ لمن على طول اللياليْ نداهْ
نادى أليفاً نام عن شجوهِ عذبٌ تجنيه عزيزٌ جناهْ
أحبَّكِ الحبُّ وغنّى بهِ غفَّ الأمانيْ والهوى والشفاهْ
وإنما الحبُّ حديثُ العلى أنشودة الخلدِ ونحنُ الرواهْ..

مدحت الجزيرة 23/9/2016 12:57 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

ابراهيم ناجى
أحلام سوداء


رُبَّ ليلٍ قد صفا الأفق
بهِ وبما قد أبدعَ اللهُ ازدهرْ
وسرى فيه نسيمُ عَبِقٌ
فكان الليلَ بُسْتَانٌ عَطِرْ
قلتُ يا رب لمن جمَّلته
ولمن هذي الثريات الغررْ..؟
فعرا الأفقَ قَتامٌ
وبَدَتْ سحبٌ تحبو إلى وجهِ القمرْ
كلما تقرب تمتد لهُ
كأكفٍّ شرهاتٍ تنتظر
صحت بالبدر: تنبَّهْ للنذرْ ادركِ
الهالةَ حفت بالخطرْ
لا تبحْ مائدة النور لهم
لا تبحْها لسوادٍ معتكرْ
قهقه الرعدُ ودوَّى ساخراً
فكأنَّ الرعدَ عربيدٌ سكرْ
قمتُ مذعوراً وهمت قبضتي
ثم مدت، ثم ردت من خَوَرْ
لهف القلب على الحسن
إذا قهقه الغربانُ والذِّئبُ سخرْ
تحتمي الوردةُ بالشوكِ
فإن كثر القطافُ لم تغنِ الابرْ
آهِ من غصنٍ غنيٍّ بالجنى
ومِن الطامع في ذاك التمرْ
آه من شك ومن حب
ومن هاجساتٍ وظنونٍ وحذرْ
كست الأفقَ سواداً لم يكن
غيرَ غيمٍ جاثمٍ فوق الفكرْ
طالما قلت لقلبي كلما
أنَّ في جنبي أنينَ المحتضرْ
إن تكن خانتْ وعقَّت حبَّنا
فأضِفْها للجراحاتِ الأخرْ

مدحت الجزيرة 23/9/2016 12:59 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
ابراهيم ناجى
الزورق يغرق والملاح يستصرخ

أَيْنَ شَطُّ الرَّجَـاءْ يَا عُبَابَ الهُمُومْ
لَيْـلَتِـي أَنْـوَاءْ وَنَهَارِي غُيُـومْ
* * * ***
أَعْوِلِـي يَا جِـرَاحْ أَسْمِعِي الدَّيَّـانْ
لا يَهُـمُّ الرِّيَـاحْ زَوْرَقٌ غَضْبَـانْ
* * * ***
البِلَـى وَالثُّقُـوبْ فِي صَمِيمِ الشِّرَاعْ
وَالضَّنَى وَالشُّحُوبْ وَخَيَالُ الـوَدَاعْ
* * * ***
إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ قَهْقِهِي يَا رُعُودْ
الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ وَالْهَوَى لَنْ يَعُودْ
* * * ***
الأَمَانِـي غُـرُورْ فِي فَمِ البُرْكَـانْ
وَالدُّجَـى مَخْمُورْ وَالرَّدَى سَكْـرَانْ
* * * ***
رَاحَـتِ الأَيَّـامْ بِابْتِسَامِ الثُّغُـورْ
وَتَوَلَّـى الظَّـلامْ فِي عِنَاقِ الصُّخُورْ
* * * ***
كَانَ رُؤْيَـا مَنَـامْ طُيْفُكِ الْمَسْحُورْ
يَا ضِفَافِ السَّـلامْ تَحْتَ عَرْشِ النُّورْ
* * * ***
إِطْحَنِـي يَا سِنِيـنْ مَزِّقِـي يَا حِرَابْ
كُلُّ بَـرْقٍ يَبِيـنْج وَمْضُـهُ كَذَّابْ
* * * ***
إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ قَهْقِهِي يَا غُيُوبْ
الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ وَالْهَوَى لَنْ يَؤُوبْ

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:00 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

ابراهيم ناجى
الأجنحة المحترقة


يا أمتي كم دموعٍ في مآقينا
نبكي شهيديك أم نبكي أمانينا؟!
يا أمتي إن بكينا اليوم معذرةً في الضعفِ
بعضُ المآسي فوق أيدينا
واهاً على السرب مختالاً بموكبه
وللنسور على الأوكار غادينا
قالوا الضباب فلم يعبأ جبابرةٌ
لا يدركون العلا إلاّ مضحِّينا
والمانش يعجب منهم حينما طلعوا
على غوارِبِهِ الغيرى مطلِّينا
فاستقبلتهم فرنسا في بشاشتها
تجزي البسالة ورداً أو رياحينا
قالوا النسور فهبَّ القومُ وادَّكروا
نسراً لهم ملأَ الدنيا ميادينا
وهلل السِّين إذ هلَّت طلائعنا
طلائع المجد من أبناء وادينا
حان الأمانُ ووافَى السربُ
فافتقدوا نسرين ظنوهما قد أبطآ حينا
لكنه كان إبطاءَ الرَّدى فهما
لما دعا المجد قد خَفَّا ملبينا
فلبيكِ من شاء وليُشبعْ محاجرَهُ
ولينتحبْ ما يشاءُ الحزنَ باكينا
يبكي الحبيب وتبكي فقد واحدها
من لا ترى بعده دنيا ولا دينا
هُنيهة ثم يسلو الدمعَ ساكبُه
لا يدفعُ شيئاً من عوادينا
فكلما حلَّ رزءٌ صاحَ صائحُنا
فداك يا مصر لا زلنا قرابينا
فداك يا مصر هذا النجم منطفئاً
والنسر محترقاً والليث مطعونا!

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:01 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

ابراهيم ناجى
أَصوات الوحدة


يا وحدتي جئت كي أنسَى وهائنذا
ما زلتُ أسمعُ أصداءً وأصواتا
مهما تصاممتُ عنها فهي هاتفةٌ
يا أيها الهاربُ المسكينُ هيهاتا!
جَرَّتْ عليَّ الأماني مِنْ مجاهلِها
وجمَّعَتْ ذِكَراً قد كُنَّ أشتانا
ما أَسْخَفَ الوحدةَ الكبرى وأضيعهَا
إذا الهواتف قد أرجعن ما فاتا
بَعثن ما كان مطويّاً بمرقدهِ
ولم يزَلْنَ إلى أن هبَّ ما ماتا
تلفَّتَ القلبُ مطعوناً لوحدته
وأين وحدته؟ باتتْ كما باتا!
حتى إذا لم يجدْ ريّاً ولا شبعاً
أفضى إلى الأمل المعطوب فاقتاتا!

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:15 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
ابراهيم ناجى
الحــياة


جلستُ يوماً حين حلَّ المساءْ
وقد مضى يومي بلا مؤنسِ
أريح أقداماً وهتْ من عياءْ
وأرقب العالَم من مجلسي!
***

أرقبه! يا كَدّ هذا الرقيب
في طيب الكون وفي باطلهْ
وما يبالي ذا الخضم العجيبْ
بناظر يرقب في ساحلهْ
***

سيان ما أجهل أو أعلم
من غامض الليل ولغز النهارْ
سيستمر المسرح الأعظم
روايةً طالت وأين الستار
***

عييتُ بالدنيا وأسرارها
وما احتيالي في صموت الرمالْ!
أنشد في رائع أنوارها
رشداً فما أغنم إلا الضلالْ !
***

أغمضت عيني دونها خائفاً
مبتغياً لي رحمة في الظلامْ
فصاح بي صائحها هاتفاً
كأنما يوقظني من منامْ:
***

أنت امرؤٌ ترزح تحت الضنى
لم يبق منك الدهر إلا عنادْ!
وكل ما تبصره من سنا
يهزأ بالجذوة خلف الرمادْ!
***

وكل ما تبصره من قوى تدوي
دويّ الريح عند الهبوبْ
يسخر من مبتئس قد ثوى
يرنو إلى الدنيا بعين الغروبْ!
***

انظر إلى شتى معاني الجمالْ
منبثة في الأرض أو في السماءْ
ألا ترى في كل هذا الجلال
غير نذيرٍ طالعٍ بالفناءْ!
***

كم غادة بين الصبا والشبابْ
تأنقّ الصانع في صنعها
تخطر والأنظار تحدو الركاب
ولفظة الاعجاب في سمعها!
***

وربما سار إلى جنبها
مدّله ليس يبالي الرقيبْ
يمشي شديد العجب في قربها
إذا راح يوليها ذراع الحبيبْ!
***

وانظر إلى سيارة كالأجل تخطف
خطفاً لا تُبالي الزحامْ
هذا الردى الجاري اختراع الرجلْ
هل بعد صنع الموت شيءٌ يُرامْ!
***

وانظر إلى هذا القويّ الجسدْ
الباتر العزم الشديد الكفاحْ!
قد أقبل الليل فحيّ الجلد
في رجل يدأب منذ الصباحْ
***

أجبت: يا دنياي من تخدعين؟
إني امرؤٌ ضاق بهذا الخداعْ
مزّقتِ عن عيشي . هنيّ السنين
لأنني مزقتُ عنكِ القناعْ !
***

إن الجمالَ الساحرَ الفاتنا
يا ويحه حين تغير الغضونْ
ويعبثُ الدهر بحلو الجنى
وتستر الصبغة إثم السنينْ!
***

وهذه السيارة العاتيهْ
وربما الجبار كالبرق سارْ
ما هي إلا شُعَلٌ فانيهْ
نصيبها مثل شعاع النهارْ!
***

وارحمتاه للقويِّ الصبورْ
يقضي الليالي في كفاحٍ سخيفْ
وكيف لا أبكي لكدح الفقيرْ
أقصى مناه أن ينال الرغيفْ!
***

كم صحتُ إذا أبصرت هذا الجهادْ
وميسم الذلة فوق الجباهْ
يا حسرتا ماذا يلاقي العبادْ
أكُلُّ هذا في سبيل الحياهْ؟!
***

وفي سبيل الزاد والمأكل
نملأ صدر الأرض إعوالا
كم يسخر النجمُ بنا
مِن عل وكم يرانا الله أطفالا!
***

يا ربِّ غفرانك إنا صِغارْ ندبّ
في الدنيا دبيبَ الغرورْ
نسحب في الأرض ذيولَ الصغارْ
والشيبُ تأديبٌ لنا والقبورْ!

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:17 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

ابراهيم ناجى
تحليل قبلة


ولما ألتقينا بعد نأي وغربة
شجيين فاضا من أسى وحنين
تسائلني عيناك عن سالف الهوى
بقلبي وتستقضي قديم ديون
فقمت وقد ضج الهوى في جوانحي
وأن من الكتمان أيّ أنين
يبث فمي سرّ الهوى لمقبّل
أجود له بالروح غيرَ ضنين
إذا كنت في شك سلي القبلة
التي أذاعت من الأسرار كل دفين
مناجاة أشواق وتجديد موثق
وتبديد أوهام وفض ظنون
وشكوى جوى قاسٍ وسقم
مبرح وتسهيد أجفان وصبر سنين

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:18 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
ابراهيم ناجى
وداع المريض


فيم الغدو غداً وأين رواحي
ويح الصباح ! لقد مضى بصباحي
عصفت علينا غير راحمة لنا
ياصفوة الأحباب , أي رياحِ
عبثت بمعبود العيون
وصيرّت كالورس لوناً توأم التفاح
ذهبوا به كالورد جافاه الندى
ومضوا به شبحاً من الأشباح
يا هاتفاً باسمي فديت منادياً
رد النداء عليه حر نواحي
يا آسي الآسي لممت جراحتي
وأسلت يوم نواك أي جراحِ
طأطأت للبين المشتت هامتي
وخفضت للقدر المغير جناحي
أي الليالي العاتيات سهرتها
في أي آلام وأيّ كفاح
هدم الضنى العادي قوي شكيمتي
وثني معاندتي ورد جماحي
وطغى على الملك الموسد بيننا

في لطف زنبقة وضعف أقاح
كيف المآب الى مكان موحش
متجهم العرصات قفر الساح
في كل ناحية خيال هاتف
ومذكر بجبينك الوضاح
وموسد كالطيف صاح ليله
أمسيت أرعاه بجفنٍ صاح
عاد الشقي إلى قديم شقائه
ومحا من الدنيا السعادة ماحي
ويح الحياة اليوم أين جمالها
وعلام اخفاقي بها ونجاحي
أنت الذي وهب الحياة لميت
في الأرض منفرد بغير طماح
أشرقت في ظلمائها وغمامها
وطلعت مثل البارق اللماح

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:19 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
ابراهيم ناجى
عتاب


هجرت فلم نجد ظلاً يقينا
أحلماً كان عطفك أم يقينا
أهجراً في الصبابة بعد هجر
أرى أيامه لا ينتهينا
لقد أسرفت فيه وجرت
حتى على الرمق الذي أبقيت فينا
كأن قلوبنا خلقت لأمر
فمذ أبصرن من نهوى نسينا
شغلن عن الحياة ونمن عنها
وبتن بمن نحب موكلينا
فإن ملئت عروق من دماءٍ
فإنَّا قد ملأناها حنينا

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:20 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

ابراهيم ناجى
الفراق


يا ساعة الحسرات والعبرات
أعصفت أم عصف الهوى بحياتي
ما مهربي ملأ الجحيم مسالكي
وطغى على سُبُلي وسد جهاتي
من أي حصن قد نزعت كوامنا
من أدمعي استعصمن خلف ثباتي
حطمت من جبروتهن فقلن لي
أزف الفراق فقلت ويحك هاتي
أأموت ظمآناًوثغرك جدولي
وأبيت أشرب لهفتي وولوعي
جفت على شفتي الحياة
وحلمها وخيالها من ذلك الينبوع
قد هدني جزعي عليك
وادعي أني غداة البين غير جزوع
وأريد أشبع ناظري فأنثني
كي أستبينك من خلال دموعي
هان الردى لو أن قلبك
دار أأموت مغترباً وصدرك داري
يامن رفعت بناء نفسي
شاهقاً متهلل الجنبات بالأنوار
اليوم لي روح كظل شاحب
في هيكل متخاذل الأسوار
لو في الضلوع أجلت عينك
أبصرت منهارة تبكي على منهار
لا تسألي عن ليل أمس
وخطبه وخذي جوابك من شقي واجم
طالت مسافته علي كأنها
أبد غليظ القلب ليس براحم
وكأنني طفل بها وخواطري
أرجوحة في لجها المتلاطم
عانيتها والليل لعنة كافر
وطويتها والصبح دمعة نادم

مدحت الجزيرة 23/9/2016 01:20 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
ابراهيم ناجى
الـمــآب


(رفيق من رفاق الصِّبا
رآه الناظم عليلا محمولاً بعد غربة طويلة)
خاطبتُ عنك فما تركتُ مخاطباً
وسألتُ حتى لم أدْع مسؤولا
صدأُ الحوادثِ بدّل الاشراقَ
في فكري وكدّر خاطري المصقولا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا
وتتابعُ الأنواءِ في أفَق الصّبا
لم يُبقِ لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي
وزالت دوحةٌ مدت لنا ظلَ الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا!
ويثور بي حُبي فإنْ لفظٌ جرى
بفمي تعثر بالشفاه خجولا
يا مَن نزلتُ بنبعهِ أردِ الهوى
فأذاقنيه محطماً ووبيلا
وتتابعُ الأنواءِ في أفَق الصّبا
لم يُبقِ لي صحواً أراه جميلا
ذهب الصبا الغالي
وزالت دوحةٌ مدت لنا ظلَ الوفاء ظليلا
أيام يخذلني أمامك منطقي
فإذا سكتُّ فكل شيءٍ قيلا!


للقاء اخر
تحيتى

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:08 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
وكأنَّ سعدى إذْ تودعنا


وكأنَّ سعدى إذْ تودعنا
وقَدِ اشْرَأبَّ الدَّمعُ أنْ يكِفَا
رشأٌ تواصينَ القيانُ بهِ
حتى عقدنَ بأذنهِ شنفا
فالحبّ ظهْرٌ أنْتَ راكِبُهُ
فإذا صرفْتَ عِنانَهُ انْصَرَفَا

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:09 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
أبو نواس
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ


دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ
ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها
لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ
مِنْ كف ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ
لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ
َقامْت بِإبْريقِها ، والليلُ مُعْتَكِرٌ
فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ
فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً
كأنَّما أخذَها بالعينِ إغفاءُ
َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها
لَطافَة ً، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ
فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها
حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ
دارتْ على فِتْيَة ٍ دانًَ الزمانُ لهمْ
فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا
لتِلكَ أَبْكِي ، ولا أبكي لمنزلة ٍ
كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ
حاشى لِدُرَّة َ أن تُبْنَى الخيامُ لها
وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ
فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً
حفِظْتَ شَيئًا ، وغابَتْ عنك أشياءُ
لا تحْظُرالعفوَ إن كنتَ امرَأًَ حَرجًا
فَإنّ حَظْرَكَهُ في الدّين إزْراءُ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:12 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
أبو نواس
أَثْني على الخمرِ بآلائها


أَثْني على الخمرِ بآلائها
و سَمِّيها أحسَنَ أسمائها
لا تجعلِ الماءَ لها قاهرًا
و لا تُسَلِّطْها على مائها
كَرْخِيّة ٌ، قد عُتّقَتْ حِقْبَة ً
حتى مضَى أكثرُ أجزائها
فلَمْ يكَدْ يُدركُ خَمّارُها
مِنها سِوَى آخِر حَوْبائِهَا
دارَتْ ، فأحيتْ ، غيرَ مَذمومة ٍ
نُفوسَ حَسراها وأنْضائها
و الخمرُ قد يَشرَبُها مَعْشَرٌ
لَيسوا، إذا عُدّوا، بأكفائِهَا

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:15 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
لا يَلا يَصرفَنَّك ،عن قَصْفٍ وإصْباء


مَجْموعُ رَأي . ولا تَشْتيتُ أهْواءِ
وَاشرَبْ سُلافاً كَعَين الدّيك، صافية ً
منْ كَفّ ساقِيَة ٍكالرِّيم . حَوْراءُ
صَفرَاءُ ما تُركتْ، زَرْقاءُ إنْ مُزجتْ
تسْمو بِحَظَّين من حُسْنٍ ، ولألاءِ
تَنْزو فَواقِعُها منها ،إذا مُزِجَتْ
نَزْوَ الجَنادِبِ منْ مَرجِ وأفْياءِ
لها ذيولٌ من العقيان تَتْبَعُها
في الشّرْق والغرْب في نورٍ وظَلماءِ
لَيسَتْ إلى النّخل وَالأعناب نِسبَتُها
لكنْ إلى العَسَلِ الماذِيِّ والماءِ
نِتاجُ نَحْلِ خلايا غيرِ مقْرِفَة ِ .
خُصّتْ بأطْيَب مُصْطافٍ ومَشتاءِ
تَرْعى أزاهيرَ غِيطانِ وَأوْديَة ٍ
و تَشْرَبُ الصَّفْوَ منْ غُدْرٍ وأحساءِ
فُطْسُ الأنوفِ ، مَقاريفٌ ،مُشَمِّرَة ٌ ،
خُوصُ العيونِ ، بَريئاتٌ منَ الدَّاءِ
مِنْ مُقربٍ عُشَرَاءٍ، ذاتِ زَمزَمة ٍ
وَعائِذٍ مُتّبَعٍ منها، وَعَذراءِ
تَغدو، وَتَرْجعُ لَيلاً عَن مَساربِها
إلى مُلوكٍ ذَوي عِزٍّ وَأحْباءِ
كلٌّ بِمَعْقِلِهِ يُمضي حُكومَتَه
مِنْ بُرْج لَهوٍ، إلى آفاق سَرّاءِ
لمْ تَرْعَ بالسّهْل أنْواعَ الثّمار، ولاَ
ما أيْنَعَ الزّهْرَ مِنْ قَطْرٍ وَأنْداءِ
زَالَتْ وَزلْنَ بطاعات الجِماع، فَما
يَنِينَ في خُدُرٍ مِنها وَأرْجاءِ
حتّى إذا اصطَكَّ منْ بُنْيانِها قُرَصٌ
أرْوَيْنها عسَلا من بعدِ إصْداءِ
وآنَ مِنْ شُهْدها وَقْتُ الشيّار، فلم
تَلبَثْ بأنْ شُيّرَتْ في يَوْم أضْواءِ
و صفّقوها بِماءِ النِّيلِ ،إذْ برَزَتْ
في قِدر قَسٍّ كجوْف الْجُبّ رَوْحاءِ
حتّى إذا نَزَعَ الرُّوَّادُ رَغْوَتَها
و أقْصَتِ النّارُ عنها كلَّ ضَرّاءِ
اسْتَوْدَعوها رواقيداً مُزَفَّتَة ً
مِنْ أغْبَرٍ قاتِمٍ مِنها وغَبْرَاءِ
و كُمّ أفْواهُها دَهْرا على وَرَقٍ
منْ حرِّ طينة أرضٍ ،غيرَ مَيثاءِ
حتّى إذا سكَنَتْ في دَنّها، وَهَدَتْ
منْ بعدِ دمْدَمَة ِ منها وضَوضاءِ
جاءَت كَشَمسِ ضُحىً في يَومِ أَسعُدِها
مِن بُرجِ لَهوٍ إِلى آفاقِ سَرّاءِ
كأنّها ولِسانُ الماءِ يَقْرَعُها
نَارٌ تأجّجُ في آجام قَصْباءِ
لَها مِنَ المَزْج في كاساتِها حَدَقٌ
تَرْنُو إلى شَرْبِها مِنْ بَعد إغْضاءِ
كَأَنَّ مازِجَها بِالماءِ طَوَّقَها
مَنزوعَ جِلدَةَ ثُعبانٍ وَأَفعاءِ
فَاِشرَب هُديتَ وَغَنِّ القَومَ مُبتَدِأً
عَلى مُساعَدَةَ العيدانِ وَالناءِ
لو كان زهدك في الدنيا كزهدك في
وصْلِ مشَيْتِ بلا شكٍّ على الماءِ
صرفَنَّك ،عن قَصْفٍ وإصْباء

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:17 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
أما يسُرُّكَ أنَّ الأرضَ زَهْراءُ


أما يسُرُّكَ أنَّ الأرضَ زَهْراءُ
و الخمرُ ممكنتٌ، شمْطاءُ عذْراءُ
ما في قعودِكَ عذْرٌ عن مُعَتَّقَة ٍ
كاللّيل وَالدُها، وَالأمّ خَضراءُ
بادِرْ؛ فإنّ جِنَانَ الكَرْخ مُونقَة ٌ
لمْ تلْتَقِفْها يدٌ للحرْبِ عَصْراءُ
فيها من الطيْرِ أصنافٌ مُشَتتَّة ٌ
ما بينهنّ، وبين النّطْقِ شَحْنـاءُ
إذا تَغَنّينَ لا يُبْقِينَ جانِحَة ً
إلاّ بِهَا طَرَبٌ يُشْفَى بهِ الدّاءُ
يا رُبَّ منزل خمّارٍ أطَفْتُ به
و الليلُ حُلَّتُه كالقارِ سوْداءُ
فقام ذو وفْرَة ٍ من بطْنِ مضْجَعهِ
يميلُ من سكرهِ، والعينُ وَسْناءُ
فقالَ:منْ أنتَ؟! في رفْقٍ، فقلتُ له:
«بعضُ الكرام!» وَلي في النّعت أسماءُ
و قلتُ:إنّي نحَوْتُ الخمرَ أخطبُها!..
قال:الدراهمَ!..هل للمهرِ إبْطاءُ؟!
لَمّا تَبَيّنَ أنّي غَيرُ ذي بَخَلٍ
و ليس لي شُغُلٌ عنها وإبطاءُ
أتَى بِها قَهْوَة ً كالمِسْك صَافيَة
كَدَمْعَة ٍ مَنَحَتْها الْخَدَّ مرْهاءُ
ما زالَ تاجرها يَسْقي، وأَشْرَبُها
وَعندَنا كاعِبٌ بَيضاءُ، حَسناءُ
كَمْ قد تَغَنّتْ، وَلا لَوْمٌ يُلِمّ بنا
«دعْ عنكَ لوْمي؛ فإنّ اللّوْمَ إغراءُ»

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:19 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
أبو نواس
يارُبَّ مَجْلِسِ فِتْيانٍ سمَوْتُ له،


يارُبَّ مَجْلِسِ فِتْيانٍ سمَوْتُ له
وَاللّيلُ مُحتَبِسٌ في ثوْب ظلماءِ
لِشُرْبِ صافية ٍ من صَدْرِ خابيَة ٍ
تَغْشى عيونَ نَداماها بلألاءِ
كأنّ مَنْظَرَها، والماءُ يقرَعُها
ديباجُ غانيَة ٍ ، أو رقْمُ وَشّـاءِ
تَستنّ من مَرحٍ، في كفّ مُصْطبحٍ
من خمر عانة َ، أوْ من خمر سُوراءِ
كأنّ قَرْقَرَة َ الإبريق بَيْنَهُمُ
رجْعُ المَزَامير، أو تَرْجيعُ فأفاءِ
حتى إذا درَجتْ في القوْم، وَانتشرَتْ
همّتْ عيونُهُمُ منها بإغفاءِ
سألتُ تاجرها: كم ذا لعاصرها ؟
فقال: قصّر عَن هذاكَ إحصائي
أُنْبِئْتُ أنّ أبا جدي تخَيَّرَها
من ذُخر آدَمَ، أوْ من ذخر حوّاءِ
ما زالَ يمطُلُ مَن يَنتابُ حانَتَها
حتى أتَتْني وكانت ذخر موتائي
و نحن بين بساتينٍ ، فَتَنْفَحُنا
ريحَ البنفسَج، لا نَشرَ الخزاماءِ
يسعى بها خَنِثٌ ، في خُلقِهِ دَمَثٌ
يستأثرُ العَينَ في مُستَدرج الرّائي
مقرَّطٌ، وافرُ الأرْداف، ذو غُنُجٍ
كأنّ في راحَتَيْه وَسْمَ حِنـّاءِ
قد كسّرَ الشّعرَ واواتٍ، وَنَضّدَهُ
فوقَ الجَبين . وردّ الصّدغَ بالفاء
عيناهُ تقْسمُ داءً في مجاهرها
وَ رُبّما نَفَعَتْ مِن صوْلة الدّاء
إنّي لأشرَبُ مِن عَيْنَيه صافيـة ً
صِرْفاً، وَأشرَبُ أُخرَى معْ ندامائي
وَلائِمٍ لامَني جَهْلاً، فقلتُ لهُ
إنّي وَعَيشِكَ مشغوفٌ بمولائي

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:22 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 


أبو نواس
غُصِصْتُ منكَ بِما لا يَدفَعُ الماءُ،


غُصِصْتُ منكَ بِما لا يَدفَعُ الماءُ
وَصَحّ هجْرُكَ حتّى ما بهِ داءُ
قد كان يكفيكمُ ، إن كان عزْمُكُمُ
أنْ تَهجُروني، مِنَ التّصريحِ إيماءُ
وَ ما نَسيتُ مَكانَ الآمرينَ بَذا
مِنَ الوُشاة ِ، وَلكِنْ في فَمي ماءُ
ما زِلْتُ أسمعُ حَتّى صرْتُ ذاكَ بمن
قامَتْ قِيامَتُهُ، وَالنّاسُ أحْياءُ
قد كنتُ ذا اسمٍ، فقد أصبحتُ يُعْرَفُ لي،
مِمّا أُكابِدُ فيَ حبّيك، أسماءُ..

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:23 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 


أبو نواس
فديتُ مَنْ حَمّلتُهُ حاجةً


فديتُ مَنْ حَمّلتُهُ حاجة ً
فردّني منْهُ بفَضلِ الحيَاءْ
و قالَ : ما شئْتَ فسَلْ غَيرَنا
فَفي الذي تَطلُبُ جازَ الإبَاءُ
فقُلتُ : مالي حاجَة ٌ غَيرَها
فقال: هامنك لقيتُ البضلاءْ
ثمّ ثَنى ثَوباً على وجههِ
فبَلّهُ مِنْ خَجَلٍ بالبُكاءُ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:23 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
و مُتَرَّفٍ عَقَلَ الحَياءُ لسانَه ،


و مُتَرَّفٍ عَقَلَ الحَياءُ لسانَه
فكلامُهُ بالوَحْي والإيمـــاءِ
لمّا نظرْتُ إلى الكَرَى في عينه
قَدْ عَقّدَ الْجَفنَين بالإغفاءِ
حرّكتُهُ بيَدي، وَقلتُ له انتَبِهْ
يا سَيّدَ الْخُلَطاء والنّدَماءِ
حتّى أُزيحَ الهَمّ عَنكَ بشرْبة ٍ
تسمو بصاحبها إلى العليـــاءِ
فأجابني .و السّكر يخفِضُ صوْته
وَالصّبْحُ يَدْفَعُ في قَفَا الظّلماءِ
إنّي لأفهمُ ما تقولُ ، وإنّمـــــا
رَدَّ التّعافي سَوْرَة ُ الصّهبـــاءِ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:25 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
اكْسِرْ بمائكَ سَوْرَةَ الصهباءِ


اكْسِرْ بمائكَ سَوْرَةَ الصهباءِ
فإذا رَأيتَ خُضُوعَها للمَاءِ
فاحبسْ يديْكَ عن التي بقيَتْ بها
نفسٌ تشاكلُ أنفُسَ الأحْيـاءِ
صَفراءُ تَسْلُبُكَ الهمومَ إذا بدتْ
وَتُعيرُ قَلْبَكَ حُلّة َ السّرّاءِ
كتبَ المِزاجُ، على مُقَدّم تاجِها
سطريْن مثلَ كِتابة العُسَرَاءِ
نَمّتْ على نُدْمانِها بنَسيمِها
و ضيائها في الليلة ِ الظّلمـــــاءِ
قد قلتُ ، حين تَشَوّفتْ في كأسِها
وَتَضايقَتْ كتَضايق العذراءِ
لابدّ من عضّ المراشفِ فاسكُني
و تشَبُّكِ الأحْشـاءِ بالأحشاءِ
ومُهفهَفٍ نَبّهْتُهُ، لَمّا هَدَا
و تغلّقتْ عيناهُ بالإغْفاءِ
و شكا إليَّ لسانه من سكرِهِ
بتَلَجْلُجٍ كتَلَجْلُج الفأفاءِ
فعفَوْتُ عنه؛ وفي الفؤاد من الهَوى
كتلهّبِ النيرانِ في الحلفاءِ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:26 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 



أبو نواس
لا تَبْكِ بَعْدَ تَفَرّقِ الخلطاءِ،


لا تَبْكِ بَعْدَ تَفَرّقِ الخلطاءِ
وَاكسِرْ بمائِكَ سَوْرَة َ الصهبَاءِ
فإذا رَأيْتَ خضُوعَها لمزاجِها
فَمُرْنَ يدَيْك بعفّة ٍ وحياءِ
وَمُدامة ٍ، سجَدَ الملوكُ لذكرِها
جَلّتْ عَنِ التّصريحِ بالأسْماءِ
شَمطاءُ، تَذكرُ آدَماً مع شيثِهِ
وتخبّرُ الأخبارَ عَنْ حَوّاءِ
صَاغَ المِزاجُ لها مِثالَ زَبَرْجَدٍ
مُتَأَلِّقٍ ببدائعِ الأَضْواءِ
....؟.... فينا كالبِجادي حُمرَة ً
وَالكأسُ مِنْ ياقُوتَة ٍ بَيضَاءِ
و الكوبُ بضحكُ كالغزالِ مسبّحا
عندَ الرُّكوعُ بلَثْغَة ِ الفَأْفَـاءِ
يسعى بها من وُلْدِ يافِثَ أحْوَرٌ
كقضيبِ بانٍ فوْقَ دِعصِ نَقاءِ
وَفتى ً كأطوَعِ مَن رَأيتَ إذا انتَشَى
غنَّى بِحُسْنٍ لَبَاقَة ٍ وحَياءِ
«عَلِقَ الهَوَى بحبَائِلِ الشّعثاءِ
و الموتُ بَعضُ حبائل الأَهْواءِ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:28 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
أبو نواس
بَينَ المُدام، وبَينَ الماء شَحناءُ،


بَينَ المُدام، وبَينَ الماء شَحناءُ
تَنْقَدُّ غَيْظا، إذا ما مسَّها الماءُ
حتى تُرَى في حوَافي الكأس أعيُنُها
بِيضاء وليس بها منْ عِلَّة ٍ داءُ
كأنّها حينَ تَمطُو، في أعِنّتِها
منَ اللّطافَة في الأوْهام عَنْقاءُ
تَبْني سماءً في أرضٍ مُعَلَّقَة ٍ
كأنّها عَلَقٌ، والأرضُ بيضاءُ
نُجومُها يَقَقٌ ، في صَحْنِها عَلَقٌ
يُقِلّها مِنْ نجوم الكأس أهوَاءُ
جلّتْ عن الوَصْف، حتى ما يطالبُها
وَهْمٌ، فتَخْلُفُها في الوَصْفِ أسماءُ
تَقَسّمَتْها ظنونُ الفِكر، إذ خفيتْ
كما تَقَسَّمَتْ الأديانَ آراءُ
من كفِّ ذي غُنُجِ ، حُلْو شمائلُهُ
كأنّه عند رأي العينِ عذْراءُ
له بكيتُ ، كما يبكي النَّولى رجلٌ
على المَعالمِ والأطلال بكّاءُ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:29 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
أعْتَلّ بالماءِ ، فأدْعُو به ،


أعْتَلّ بالماءِ ، فأدْعُو به
لَعَلَّها تَنْزِلُ بالماء
و يَعْلَمُ اللّه على عرْشِهِ
ما طِبّيَ الماءُ وَلا دائي
إلاّ لِمَا ألْقَى بإنْسَانَة ٍ
مُخْتالَة ٍ في نَعِلِ حِنّاءِ
وُلِدْتُ في حُبّكِ يا مُنيَتي
بِطالِعٍ لَيسَ بمعْطاءِ
هذا وَرِيحي منكُمُ صَرْصَرٌ
تُجِفُّ دوني كلّ خَضْراءِ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:31 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
اللهُ موْلى دَنابيرٍ ومَوْلائي


اللهُ موْلى دَنابيرٍ ومَوْلائي
بِعينِهِ مَصْبحي فيها وَمَمسائي
صَليتُ ، من حُبّها، نارينِ واحدة ً
بين الضّلوعِ، وأخرى بين أحشائي
و قد حَمَيتُ لساني أن أُبينَ بهِ
فَما يُعَبّرُ عَنّي غَيرُ إيمَائي
يا ويحَ أهليَ أبْلي بينَ أعينِهمْ
على الفِراشِ، وَما يَدرونَ ما دائي
لوْ كان زهْدُكِ في الدّنيا كزهدكِ في
وَصلي مَشَيْتِ بلا شَكٍّ على الماءِ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:32 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
قد سَقَتْني، والصّبحُ قد فَتّقَ اللّيـ


قد سَقَتْني، والصّبحُ قد فَتّقَ اللّيـ ـلَ
بكأسَينِ، ظَبيَة ٌ حَوْراءُ
عَنْ بَنانٍ كأنّها قُضُبُ الفِضّـ ــة ِ
قَنّى أطْرَافها الحِنّـــــــــاءُ
ذاتُ حُسْنٍ تُسْجَى بأرْدافِها الأُزْ رُ
وَتُطْوَى في قُمْصِها الأحشاءُ
قدْ طوَى بَطنَها، على سَعَة ِ العَيْـ شِ
ضُمورٌ في حَقْوِها وانْطِـــواءُ

مدحت الجزيرة 25/9/2016 12:34 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

أبو نواس
بِبابِ بُنَيّة ِ الوَضّاحِ ظَبْيٌ،


بِبابِ بُنَيّة ِ الوَضّاحِ ظَبْيٌ
على ديباجَتَيْ خَدّيْهِ مَاءُ
كمَاءِ الدّنّ يَسكرُ مَنْ رَآهُ
فَيخفَتُ ، والقُلوبُ لهُ سِباءُ
يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ بِمُقْلَتَيْهِ
إذا رَنَتا، وَيَفعَلُ ما يَشاءُ

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:17 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 
البحتري

أنزاعا في الحب بعد نزوع

أنَزَاعاً في الحُبّ بَعدَ نُزُوعِ
وَذَهَاباً في الغَيّ بَعْدَ رُجُوعِ
قَد أرَتْكَ الدّموعُ، يوْمَ تَوَلّتْ
ظُعُنُ الحَيّ، مَا وَرَاءَ الدّمُوعِ
عَبَرَاتٌ مِلْءُ الجُفُونِ، مَرَتها
حُرَقٌ في الفُؤادِِ مِلْءُ الضّلُوعِ
إنْ تَبِتْ وَادِعَ الضّمِيرِ فعِندي
نَصَبُ مِنْ عَشِيّةِ التّوْديعِ
فُرْقَةٌ، لمْ تَدَعْ لعَيْنَيْ مُحِبٍّ
مَنظَراً بالعَقيقِ، غيرَ الرّبُوعِ
وَهيَ العِيسُ، دَهرَها، في ارْتحالٍ
مِنْ حلولٍ، أوْ فُرْقةٍ من جَميع
رُبَّ مَرتٍ مَرت ْتُجاذِبُ قُطْريهِ
سَراباً كالْمَنْهلِ المْمَشرُوعِ
وَسُرًى تَنْتَحيهِ بالوَخْدِ، حتّى
تَصْدَعَ اللّيلَ عَن بَياضِ الصّديعِ
كالبُرَى في البُرَى، وَيُحسَبنَ أحيا
ناً نُسُوعاً مَجدولَةً في النّسوعِ
أبْلَغَتْنَا مُحَمّداً، فَحَمِدْنَا
حُسنَ ذاكَ المَرْئيّ وَالمَسموعِ
في الجَنابِ المُخضَرّ وَالخُلُقِ السّكْـ ـبِ
الشّآبيبِ، وَالفِناءِ الوَسيعِ
مِنْ فتًى، يَبتَدي، فيَكثُرُ تَبديـ ـدُ
العَطايا في وَفْرِهِ المَجْمُوعِ
كلَّ يَوْمٍ يَسُنُّ مَجداً جَديداً
بفَعالٍ، في المَكرُماتِ، بَديعِ
أدَبٌ لمْ تُصِبْهُ ظُلْمَةُ جَهْلٍ
فهوَ كالشّمسِ عندَ وَقتِ الطّلوعِ
وَيَدٌ، لا يَزَالُ يَصرَعُها الجُو دُ
وَرَأيٌ في الخَطبِ غيرُ صرِيعِ
باتَ مِنْ دونِ عِرْضِهِ، فحَماهُ
خَلْفَ سُورٍ منَ السّماحِ مَنيعِ
وَإذا سَابَقَ الجِيَادَ إلى المَجْـ ـدِ
فَما البرْقُ خَلفَهُ بسَرِيعِ
وَمَتى مَدّ كَفَّهُ نَالَ أقْصَى
ذلكَ السّؤدَدِ البَعيدِ، الشَّسوعِ
أُسْوَةٌ للصّديقِ تَدْنُو إلَيْهِ
عَن مَحَلٍّ في النَّيلِ، عالٍ رَفيعِ
وَإذا مَا الشّرِيفُ لَمْ يَتَوَاضَعْ
للأخِلاّءِ، فهوعَينَ الوَضِيعِ
يَا أبَا جَعْفَرٍ! عَدِمْتُ نَوَالاً
لَسْتَ فيهِ مُشَفّعي، أوْ شَفيعي
أنتَ أعْزَزْتَني، وَرُبّ زَمَانٍ
طالَ فيهِ بَينَ اللّئَامِ خُضُوعي
لمْ تُضِعْني لَمّا أضَاعَنيَ الدّهْـ ـرُ
وَلَيسَ المُضَاعُ إلاّ مُضِيعي
وَرِجالٍ جارَوْا خَلائِقَكَ الغُرّ
وَلَيْسَتْ يَلامِقٌ مِنْ دُرُوعِ
وَلَيالي الخَرِيفِ خُضْرٌ، وَلكِنْ
رَغّبَتْنَا عَنْهَا لَيالي الرّبيعِ

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:18 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
قد لعمري يا ابن المغيرة أصبح


قد لَعَمرِي، يا ابنَ المُغيرَةِ، أصْبَحـ ـتَ
مُغيراً على القَوَافي جَميعَا
شَرَفاً، يا أخَا جَديلَةَ، أبْيَا
تُكَ رَدّتْ قَيظَ العِرَاقِ رَبِيعا
مَا لعَيْنَيْكَ تَغْزِلانِ، إذا مَا
رَأتَا في الرّؤوسِ رَأساً صَلِيعا
إنّ حُبّ الصُّلعانِ يُبدي، من المَرْ ءِ
لأهلِ التّكشيفِ أمراً فَظيعَا
لَستَ عندي الوَضِيعَ، بل أنتَ يا وَغـ ـدُ
وَضِيعٌ عَن أن تكونَ وَضِيعَا
زُحِليٌّ، قَدِ استَفادَ منَ الشّؤ م
جَليساً، وَمُؤنِساً، وَضَجيعَا
مُدْبِرٌ، حَرْفُهُ يُصِمُّ وَيُعْمي
عَنْهُ رِزْقاً، يَغدو بَصِيراً سَمِيعَا
لكَ مِنْ لَفْظِهِ بَديعُ مَحَالٍ
كُلَّ يَوْمٍ، إذا تَعَاطَى البَديعَا
لَيسَ يَنْفَكُّ هَاجِياً مَضْرُوباً
ألْفَ حَدٍّ، أوْ مادِحاً مَصْفُوعَا

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:19 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 


البحتري
أبا نهشل رأيك المقنع


أبَا نَهْشَلٍ رَأيُكَ المُقْنِعُ
إذا طَرَقَ الحادِثُ الأَشَنْعُ
فَماذا اشتَهَيْتَ مِنَ الخُتّليّ
وَهَلْ لكَ في الثّوْرِ مُستَمتَعُ
تُنَادِمُهُ، وَهْوَ في حَالَةٍ
تُضِرُّ النّدامَى، وَلا تَنْفَعُ
أَلستَ تَرى في اسْتِهِ إِصْبَعاً
تَجُول، وفي شِدْقِهِ إصْبعُ؟
وَيَنْقُلُ بَيْنَكُمُ جَعْسَهُ
إذا كَظَّهُ القَدَحُ المُترَعُ
إذا ما أغارَ على سَلْحَةٍ
رَبُوصٍ، فَخِنزِيرَةٌ مُتْبَعُ
وَلمْ يَكُ فيها ابنُ كَلْبِيْنا
ليَصْنَعَ بعْضَ الذي يَصْنَعُ
فَوَيلٌ لشِعْرِ أبي البرْقِ، إنْ
أطَافَ بهِ الأشيَبُ الأنْزَعُ
سَيَأكُلُهُ فَيُرِيحُ العِبَا
دَ مِنْ نَتْنِهِ، ثمّ لا يَشْبَعُ

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:20 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
بين الشقيقة فاللوى فالأجرع


بَينَ الشّقِيقَةِ ، فاللّوى، فالأجْرَعِ
دِمَنٌ حُبِسْنَ على الرّياحِ الأرْبَعِ
فَكَأنّمَا ضَمِنَتْ مَعَالِمُهَا الّذي
ضَمِنَتْهُ أحْشَاءُ المُحِبّ الموجَعِ
لَوْ أنّ أنْوَاءَ السّحابِ تُطِيعُني
لَشَفى الرّبيعُ غَليلَ تِلْكَ الأرْبُعِ
مَا أحْسَنَ الأيّامَ، ِإِلاَّ أنّهَا
يا صاحِبيّ، إذا مَضَتْ لمْ تَرْجِعِ
كانوا جَميعاً، ثمّ فَرّق بَيْنهُمْ
بَينٌ كَتَقْوِيضِ الجَهام المُقلِعِ
مِن وَاقِفٍ في الهَجْرِ ليسَ بِوَاقِفٍ
وَمُوَدِّعٍ بالبَيْنِ غَيرِ مُوَدِّعِ
وَوَرَاءَهُمْ صُعَدَاءُ أنْفاسٍ، إذا
ذُكِرَ الفِرَاقُ أقَمْنَ عُوجَ الأضْلُعِ
أمّا الثّغورُ، فقَدْ غَدَوْنَ عَوَاصِماً
لِثُغورِ رَأيٍ، كالجِبالِ الشُّرّعِ
مَدّتْ وِلايَةُ يُوسُفَ بْنِ مُحَمّدٍ
سُوراً على ذَاكَ الفَضَاءِ البَلْقَعِ
لا يَرْهَبُ الطّرْفُ البَعِيدُ تَطَرّفاً
عادَ المضَيَّعُ، وهوَ غَيرُ مُضَيَّعِ
وَهْيَ الوَديعَةُ لا يُؤمَّلُ حِفْظُهَا
حَتّى تصِحّ حفِيظَةُ المُسْتَوْدِعِ
وَأعِنّةُ الإسْلامِ في يَدِ حازِمٍ
قَدْ قادَها زَمَناً، وَلمْ يتَرَعْرَعِ
أمْسَى يُدَبّرُهَا بِهَدْي أُسامَةٍ
وَبِكَيْدِ بَهْرَامٍ، وَنَجْدَةِ تُبّعِ
فَكَفاكَ منْ شَرَفِ الرّياسَةِ أَنْهٌُ
يَثْني الأعِنّةَ كُلَّهُنّ باصْبَعِ
أدْمَى فِجاجَ الرّومِ، حتى ما لَهَا
سُبُلٌ سِوَى دَفْعِ الدّماءِ الهُمَّعِ
قَطَعَ القَرائِنَ، وَاللّوَاءُ لِغَيْرِهِ
بالمَشْرَفِيّة، حُسَّراً في الأدْرُعِ
وَلِوَاؤهُ المَعْقُودُ يُقْسِمُ في غَدٍ
أنْ سَوْفَ يَصْنعُ فيهِ ما لمْ يُصْنعِ
صَدْيانُ منْ ظمَإ الحُقودِ لوَ انّهُ
يُسْقى جميَع دمائهِمِ لم ينقعِ
ماضِ، إذا وَقَفَ المُشَهَّرُ لم يُعِفْ
يَقِظٌ، إذا هجَعَ السُّهَا لمْ يهْجَعِ
وَمُهَيِّجٌ هَيْجَاءَ يَبْلُغُ رُمْحُهُ
صَفّ العِدى، وَالرّمحُ خمسَةُ أذْرُعِ
وَيُضيءُ من خلْفِ السّنانِ، إذا دجا
وَجْهُ الكَمِيّ على الكَمِيّ الأرْوَعِ
بحْرٌ لأهْلِ الثّغْرِ ليْسَ بغائِضٍ
وَسَحَابُ جُودٍ لَيْسَ بالمُتَقَشِّعِ
نُصِرُوا بِدَوْلَتِهِ الّتي غَلَبُوا بهَا في الجمعِ
فَانتصَفوا بها في المَجمَعِ
وإذا هُمُ قَحَطوا، فأعشَبُ مَرْبَعٍ
وإذا همُ فَزِعوا، فأقرَبُ مَفزَعِ
رَجَعوا من الشِّبلِ، الذي عهِدوا، إلى
خَلَفٍ من اللّيثِ الضُّبارِمِ مُقنَعِ
ما غابَ عنهُمْ غيرُ نَزْعَةِ أشيَبٍ
مَكسُوّةٍ صَدَأً، وَشَيبَةِ أنزَعِ
هذا ابنُ ذاكَ وِلادَةً. وَأخُوّةً
عِندَ الزّعازِعِ وَالقَنا المُتَزَعزِعِ
مُتَشابِهانِ، إذا الأمورُ تشابَهَتْ
حَزْماً وَعِلماً بِالطّريقِ المَهْيَعِ
عُودَاهُمَا مِنْ نَبعَةٍ، وَثَرَاهُما
مِنْ تُرْبَةٍ، وَصَفَاهُما منْ مقطَعِ
يَا يوسُفُ بنُ أبي سَعِيدٍ لِلّتي
يُدْعى أبوك لهَا، وَفيها، فاسمَعِ
إلاّ تَكُنهُ على حِقيقَتِهِ يَغِبْ
عَمروٌ، وَيشهَدْ عاصِمُ بنُ الأسفَعِ
وَلتَهنِكَ الآنَ الوِلايَةُ، إنّهَا
طَلَبَتكَ منْ بلَدٍ بَعِيدِ المَنزِعِ
لمْ تُعظِها أمَلاً، وَلمْ تُشغِلْ بِهَا
فِكراً، وَلمْ تسألْ لهَا عنْ موْضِعِ
وَرَأيتَ نَفسَكَ فوْقها وَهيَ الّتي
فوْقَ العَلِيّ منَ الرّجالِ، الأرْفَعِ
وَصَلَتكَ حِينَ هجرْتَها
وَتَزَيّنَتْ بأغَرّ وَافي السّاعِدَينِ سَمَيذَعِ
وَمَهاوِلٍ دُونَ العُلا كلفتَهَا
خُلْقاً، إذا ضَرّ النّدَى لمْ ينْفَعِ
فقَطَعْتَها رَكض الجوَادِ، وَلَوْ مشَى
في جانِبَيْها الشَّنْفَرَى لمْ يُسْرِعِ
سعْي، إذا سمِعَتْ رَبِيعةُ ذِكْرَهُ
رَبعَتْ فلَمْ تَذكُرْ مَساعي مِسمَعِ
أعطَيْتَ ما لمْ يُعْطِ في بذْلِ اللُّهَى
وَمَنَعْتَ في الحُرُماتِ ما لمْ يَمنَعِ
وَبَعَثْتَ كيْدَكَ غازِياً في غارَةٍ
ما كانَ فيها السّيْفُ غيرَ مُشَيَّعِ
كيْدٌ، كفى الجيشَ القِتالَ، وَردَّهمْ
بَينَ الغنيمَةِ وَالإيابِ المُسْرِعِ
جَزِعَتْ لهُ أُمُّ الصّليبِ، وَمن يَصُبْ
بحَرِيمِهِ وَبْلُ المنِيّةِ يَجْزَعِ
أعْطَوْا رَسولَكَ ما سألتَ، فكيْفَ لَوْ
سافَهْتَهُمْ بِصُدورِهِنّ اللُّمّعِ
وَاستقرَضُوا من أهلِ مَرْعَش وَقعَةً
فقَضَوْكَ منْها الضِّعْفَ ممِا تدّعي
منْ أيّهِمْ لمْ تَستْفِدْ، وَلأيّهِمْ
لمْ تَنْجَرِدْ، وَبِأيّهِمْ لمْ تُوقِعِ
بَلْ أيُّ نَسْلٍ مِنْهُمُ لمْ تَسْتبِحْ
وَثَنِيّةٍ مِنْ أرْضِهِمْ لمْ تَطْلُعِ

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:21 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
أخا علة سار الإخاء فأوضعا


أخَا عِلّةٍ، سارَ الإخاءُ، فأوْضَعا
وَأوْشَكَ باقي الوِدّ أنْ يَتَقَطّعَا
بَدأتَ وَبادي الظّلمِ أظْلَمُ، فانتَحى
بكَ القَوْلُ شأواً رُدّ منكَ فأسرَعَا
وَما أنَا بالظّمْآنِ فيكَ إلى التي
أرَى، بَينَ قُطرَيْها، بجَنبِكَ مَصرَعا
أغَارُ على مَا بَيْنَنا أنْ يَنَالَهُ
لسانُ عَدُوٍّ لمْ يَجِدْ فيكَ مَطمَعَا
وَآنَفُ للدّيّانِ أنْ تَرْتَمي بِهِ
غِضَابُ قَوَافي الشّعْرِ خَمْساً وَأرْبَعَا
وَكمْ حُفرَةٍ في غَوْرِ نجرَانَ أشفَقَتْ
ضُلُوعي، على أصْدائِها، أن تُرَوَّعَا
ملَكْت عِنانَ الهَجرِ أنْ يَبلُغَ المدى
وَنَهنَهْتَ قَوْلَ الشّعرِ أن يتَسَرّعَا
فإنْ تَدْعُني للشّرّ أُسْرِعْ، وَإن تُهِبْ
بصُلحي، فقد أبقَيتُ للصّلحِ مَوْضِعَا

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:22 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
أخا علة سار الإخاء فأوضعا


أخَا عِلّةٍ، سارَ الإخاءُ، فأوْضَعا
وَأوْشَكَ باقي الوِدّ أنْ يَتَقَطّعَا
بَدأتَ وَبادي الظّلمِ أظْلَمُ، فانتَحى
بكَ القَوْلُ شأواً رُدّ منكَ فأسرَعَا
وَما أنَا بالظّمْآنِ فيكَ إلى التي
أرَى، بَينَ قُطرَيْها، بجَنبِكَ مَصرَعا
أغَارُ على مَا بَيْنَنا أنْ يَنَالَهُ
لسانُ عَدُوٍّ لمْ يَجِدْ فيكَ مَطمَعَا
وَآنَفُ للدّيّانِ أنْ تَرْتَمي بِهِ
غِضَابُ قَوَافي الشّعْرِ خَمْساً وَأرْبَعَا
وَكمْ حُفرَةٍ في غَوْرِ نجرَانَ أشفَقَتْ
ضُلُوعي، على أصْدائِها، أن تُرَوَّعَا
ملَكْت عِنانَ الهَجرِ أنْ يَبلُغَ المدى
وَنَهنَهْتَ قَوْلَ الشّعرِ أن يتَسَرّعَا
فإنْ تَدْعُني للشّرّ أُسْرِعْ، وَإن تُهِبْ
بصُلحي، فقد أبقَيتُ للصّلحِ مَوْضِعَا

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:23 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
إن تأمل محاسن الأصبهاني


إِن تأَملْ مَحاسِنَ الأَصبَهَاني
تجدْ طَولهُ أَخا طُولِ بَاعِهْ
أَو تُحصِّلْهُ لاَ تُحصِّل خِلافا
بَيْنَ مَراهُ بَادِياً وسَماعِهْ
يُؤْخدُ الْحلمُ من مَكيثِ تَأَنِّيهِ
ونُجْحُ العِداتِ من إِسراعِهْ
يَنزِلُ القَومُ أَنفُساً وسَجايا
عن تَعَلَّيهِ فوْقَهُمْ وارْتِفاعِهْ
مُنْصبٌ نفسهُ لِمكتَسبِ الحَمْد
يُرى أَنهُ مَكانُ ابتِداعِهْ
يا أبا عبدِ اللهِ عَمَّرَكَ الَّلهُ
،لِعُرفٍ عَمَمتنا باصْطِناعِهْ
أَكْثرُ النَّيلِ ضائِعٌ غير ما
يَسْري إِلي نابهِ الثَّناءِ مُذاعِهْ
لاَ تلُمني إِن ضِقتُ دون قَوَافي الشِّعرِ
أَو كِلتُ للصَّديق بِضاعِهْ
ولضَنَّي بالشِّعّر أَعذَبُ ِمن ضنَّ
وَجيهٍ بِكُتْبهِ ورِقاعِه
إِن هذا القَريضَ نبتٌ من القوْلِ
يزِيدُ الفعَالُ في إِينَاعِهْ
هُو عِلقٌ تاجَرتني فيه
بالْحيلَةِ حتَّى غَبَنْتَنِي بابْتِياعِهْ

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:24 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
يا بديع الحسن والقد


يا بَدِيع الحُسنِ والقَدِّ
بهِ وَجدِي بَديعُ
يا رَبيعَ العَيْنِ إلاَّ
أَنَّهُ مَرعىً مَنِيعُ
أَنا منْ حُبِّيكَ حُمِّلتُ
الَّذي لا أَستَطِيعُ
فَإِذا باسْمِكَ نادَيتُ
أَجابَتْني الدُّموعُ

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:25 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
منى النفس في أسماء لو يستطيعها


مُنَى النّفسِ في أسماءَ، لَوْ يَستَطيعُها
بِهَا وَجْدُها مِنْ غادَةٍ وَوَلُوعُهَا
وَقَدْ رَاعَني مِنها الصّدودُ، وَإنّما
تَصُدّ لِشَيبٍ في عِذاري يَرُوعُها
حَمَلْتُ هَوَاهَا، يَوْمَ مُنعَرَجِ اللّوَى
عَلى كَبِدٍ قَدْ أوْهَنَتْها صُدوعُها
وَكُنْتُ تَبِيعَ الغَانِيَاتِ، ولمْ يزَلْ
يَذُمّ وَفَاءَ الغَانِيَاتِ تَبِيعُهَا
وَحَسنَاءَ لَمْ تُحسِنْ صَنيعاً، ورُبّمَا
صَبَوْتُ إلى حَسنَاءَ سِيءَ صَنِيعُهَا
عَجِبْتُ لَهَا تُبْدي القِلَى، وَأوَدُّهَا
وَللنّفسِ تَعْصِيني هَوًى وأُطِيعُهَا
تَشكّى الوَجَا واللّيلُ مُلتبِسُ الدّجى
غُرَيرِيّةُ الأنْسابِ مَرْتٌ بَقيعُها
وَلَستُ بِزَوّارِ المُلُوكِ عَلَى الوَجَا
لَئِنْ لمْ تَجُلْ أغراضُها وَنُسوعُها
تَؤمّ القُصُورَ البِيضَ من أرْضِ بابلٍ
بِحَيْثُ تَلاَقَى غَرْدُها وَبَدِيعُها
إذا أشْرَفَ البُرْجُ المُطِلُّ رَمَيْنَهُ
بأبْصَارِ خُوصٍ، قَد أرَثّتْ قُطوعُهَا
يُضِىءُ لَها قَصْدَ السُّرَى لَمَعَانُهُ
إذا اسوَدّ مِن ظَلماءِ لَيلٍ هَزِيعُها
نَزُورُ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، وَدُونَهُ
سُهُوبُ البِلادِ: رَحْبُهَا وَوَسِيعُهَا
إذا مَا هَبَطْنا بَلْدَةً كَرّ أهْلُهَا
أحَادِيثَ إحْسَانٍ نَداهُ يُذِيعُهَا
حمَى حَوْزَةَ الإسلامِ، فارْتَدعَ العِدَى
وَقَد عَلِمُوا أَلاَّ يُرامَ مَنيعُهَا
وَلَمّا رَعَى سِرْبَ الرّعيّةِ ذادَهَا
عن الجدبِ مُخضرُّ البِلادِ، مَرِيعُهَا
عَلِمتُ يَقيناً مُذْ تَوَكّلَ جَعفَرٌ
عَلى الله فِيهَا، أنّهُ لا يُضِيعُهَا
جَلا الشكَّ عن أبصَارِنا بِخِلافَةٍ
نَفَى الظُّلمَ عَنّا والظّلامَ صَديعُهَا
هيَ الشّمسُ أبدى رَونَقُ الحقّ نورَها
وأشرَقَ في سرّ القُلوبِ طُلُوعُهَا
أسِيتُ لأِخْوَالي رَبِيعَةَ، إذْ عَفَتْ
مَصانُعها مِنْهَا وَأقْوَتْ رُبُوعُهَا
بكُرْهيَ إنْ بَاتَتْ خَلاءً دِيَارُهَا
وَوَحْشاً مَغَانِيهَا، وشَتّى جَميعُها
وَأمسَتْ تُساقي المَوْتَ من بَعدِ ما غدتْ
شَرُوباً تُساقي الرّاحَ رِفْهاً شُرُوعُهَا
إذا افتَرَقُوا عَنْ وَقْعَةٍ جَمَعَتْهُمُ
لاُِخْرَى دِماءٌ ما يُطَلّ نَجِيعُهَا
تَذُمُّ الفَتاةُ الرُّودُ شِيمَةَ بَعْلِهَا
إذا بَاتَ دونَ الثّأرِ، وهوَ ضَجِيعُهَا
حَمِيّةُ شَعْبٍ جَاهِلِيٍّ، وَعِزّةٌ
كُلَيْبِيّةٌ أعْيَا الرّجالَ خُضُوعُهَا
وَفُرْسانِ هَيجاءٍ تَجِيشُ صُدُورُهَا
بِأحْقَادِها حَتّى تَضِيقَ دُرُوعُهَا
تُقَتِّلُ مِنْ وِتْرٍ أعَزَّ نُفُوسِهَا
عَلَيْها، بِأيْدٍ مَا تَكَادُ تُطِيعُهَا
إذا احتَرَبتْ يَوْماً، فَفَاضَتْ دِماؤها
تَذَكّرَتِ القُرْبَى فَفَاضَتْ دُمُوعُها
شَوَاجِرُ أرْمَاحٍ تُقَطِّعُ بَيْنَهُمْ
شَوَاجِرَ أرْحَامٍ مَلُومٍ قُطُوعُهَا
فَلَولا أمِيرُ المُؤمِنِينَ وَطَوْلُهُ
لَعَادَتْ جُيُوبٌ والدّمَاءُ رُدُوعُهَا
وَلاصْطُلمَتْ جُرْثُومَةٌ تَغْلِبِيّةٌ
، بهاِ استُبْقِيَتْ أغصَانُهَا وَفُرُوعُهَا
رَفَعْتَ بضَبْعَيْ تَغْلِبَ ابنةِ وَائِلٍ
وَقَدْ يَئِسَتْ أنْ يَستَقِلّ صَرِيعُهَا
فَكُنْتَ أمِينَ الله مَوْلَى حَيَاتِهَا
وَمَوْلاكَ فَتْحٌ يَوْمَذاكَ شَفيعُهَا
لَعَمْرِي لَقَدْ شَرّفْتَهُ بِصَنِيعَةٍ
إلَيهِمْ، ونُعمَى ظَلّ فيهِمْ يُشيعُها
تَألّفَهُمْ، مِن بَعدِ ما شرَدتْ بهمْ
حَفائظُ أخْلاقٍ، بَطيءٍ رُجُوعُهَا
فأبْصَرَ غَاوِيها المَحَجّةَ، فاهْتَدَى
وأقصَرَ غاليها، وَدَانَى شَسُوعُهَا
وأمضَى قَضَاءً بَيْنَها، فَتَحاجَزَتْ
وَمَحْفُوضُها رَاضٍ بهِ وَرَفِيعُهَا
فَقَدْ رُكّزَتْ سُمرُ الرّماحِ وَأُغمدتْ
رِقاقُ الظُّبَا مَجفُوُّهَا وَصَنيعُهَا
فَقَرّتْ قُلُوبٌ كَانَ جَمّاً وَجِيبُهَا
وَنَامَتْ عُيُونٌ كانَ نَزْراً هُجُوعُهَا
أتَتكَ، وَقَدْ ثابَتْ إليها حُلُومُها
وبَاعَدَها عَمّا كَرِهْتَ نُزُوعُهَا
تُعِيدُ وَتُبدي مِنْ ثَنَاءٍ كَأنّهُ
سَبَائِبُ رَوْضِ الحَزْنِ جادَ رَبيعُهَا
تَصُدُّ حَياءً أنْ تَرَاكَ بِأوْجُهٍ
أتَى الذّنْبَ عاصِيها فَليمَ مُطيعُهَا
وَلا عُذْرَ إلاّ أنّ حِلْمَ حَليمِهَا
تُسَفَّهُ في شَرٍّ جَنَاهُ خَليعُهَا
رَبَطْتَ بِصُلْحِ القَوْمِ نافِرَ جَأشِها
فَقَرّ حَشاها واطمَأنّتْ ضُلُوعُها
بَقيتَ، فكَمْ أبقَيتَ بالعَفوِ مُحسِناً
على تَغْلِبٍ حتّى استَمَرّ ظَلِيعُهَا
وَمشفقةً تخشَى الحمامَ على ابنها
لأول هيجْاءٍ تَلاقي جُمُوعها

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:26 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 

البحتري
ألمت وهل إلمامها لك نافع


ألَمّتْ، وَهَلْ إلمامُها لكَ نَافِعُ
وَزَارَتْ خَيالاً والعُيُونُ هَوَاجِعُ
بِنَفْسِيَ مَنْ تَنَأى وَيَدْنُو ادّكَارُها
وَيَبْذُلُ عَنها طَيْفُها، وَتُمَانِعُ
خَلِيلَيّ، أبْلاني هَوى مُتَلَوّنٍ
لَهُ شِيمَةٌ تَأبَى، وأُخرَى تُطاوِعُ
وَحَرّضَ شوْقي خاطرُ الرّيحُ إذْ سرَى
وَبْرقٌ بَدَا من جانبِ الغَربِ لامِعُ
وَمَا ذَاكَ أنّ الشّوْقَ يَدْنُو بنازِحٍ
وَلا أنّني في وَصْلِ عَلْوَةَ طَامِعُ
خَلاَ أنّ شَوْقاً ما يَغُبُّ، وَلَوْعَةً
إذا اضطَرَمَتْ فاضَتْ عَليها المَدامعُ
عَلاقَةُ حُبٍّ، كنتُ أكتُمُ بَثَّهَا
إلى أنْ أذَاعَتها الدّموعُ الهَوَامِعُ
إذا العَينُ رَاحتْ وَهيَ عَينٌ على الجَوَى
فَلَيْسَ بسِرٍّ ما تُسِرُّ الأضَالِعُ
فَلاَ تَحسَبَا أنّي نَزَعتُ، ولَمْ أكُنْ
لأنْزِعَ عَنْ إلْفٍ إلَيْهِ أُنَازِعُ
وإنّ شِفَاءَ النّفْسِ، لَوْ تَستَطِيعُهُ
حَبِيبٌ مُؤَاتٍ، أو شَبَابٌ مُرَاجِعُ
ثَنَى أمَلي، فاحْتَازَهُ مَن مَعَاشِرٍ
يَبيتُونَ، والآمَالُ فيهِمْ مَطامِعُ
جَنَابٌ مِنَ الفَتْحِ بنِ خَاقَانَ مُمرِعٌ
وَفَضْلٌ منَ الفَتْحِ بنِ خَاقَانَ واسِعُ
أغَرُّ، لَهُ مِن جُودِهِ وَسَمَاحِهِ
ظَهِيرٌ عَلَيْهِ ما يَخِيبُ وَشَافِعُ
وَلَمّا جَرَى للمَجْدِ، والقَوْمُ خَلفَهُ
تَغَوّلَ أقصَى جُهْدِهِمْ وَهوَ وادِعُ
وَهَلْ يَتَكافَا النّاسُ شتّى خِلالُهمْ
وَمَا تَتَكافَا، في اليَدَينِ، الأصَابِعُ
يُبَجَّلُ إجْلالاً، وَيُكبَرُ هَيْبَةً
أصِيلُ الحِجَى فيهِ تُقًى وَتَوَاضُعُ
إذا ارْتَدّ صَمْتاً فالرّوءسُ نَوَاكِسٌ
وإنْ قَالَ فالأعناقُ صُورٌ خَوَاضِعُ
وَتَسْوَدُّ مِنْ حَمْلِ السّلاحِ وَلُبْسِهِ
سَرَابِيلُ وَضّاحٍ، بهِ المِسكُ رَادِعُ
مُنِيفٌ على هَامِ الرّجالِ، إذا مَشَى
أطَالَ الخُطَى، بادي البَسالَةِ رَائِعُ
وأغْلَبُ ما تَنْفَكُّ مِنْ يَقَظاتِهِ
رَبَايَا عَلى أعْدَائِهِ، وَطَلائِعُ
جَنانٌ، على ما جَرّتِ الحَرْبُ، جامعٌ
وَصَدْرٌ، لِمَا يأتي بهِ الدّهرُ، واسِعُ
يَدٌ لأمِيرِ المُؤمِنِينَ وَعُدّةٌ
إذا التَاثَ خَطْبٌ أوْ تَغَلّبَ خالِعُ
مُغامِسُ حَرْبٍ مَا تَزَالُ جِيَادُهُ
مُطَلَّحَةً، مِنْهَا حَسيرٌ وَظَالِعُ
جَديرٌ بأنْ تنشقّ عَنْ ضَوْءِ وَجْهِهِ
ضَبَابَةُ نَقْعٍ، تَحْتَهُ المَوْتُ ناقِعُ
وأنْ يَهْزِمَ الصَّفَّ الكَثِيفَ بطَعْنَةٍ
لَهَ عَامِلٌ، في إثرِها، مُتَتَابِعُ
تَذُودُ الدّنَايَا عَنْهُ نَفْسٌ أبِيّةٌ
وَعَزْمٌ، كَحَدّ الهُنْدُوَانِيّ، قاطِعُ
مُبِيدٌ، مَقيلُ السّرّ، لا يقبل التي
ُ يُحاولُها منهُ الأريبُ المُخادعُ
وَلاَ يَعْلَمُ الأعْدَاءُ مِنْ فَرْطِ عَزْمِهِ
متَى هُوَ مَصْبُوبٌ عَلَيْهِمْ فَوَاقِعُ
خَلاَئِقُ مَا تَنْفَكُّ تُوقِفُ حَاسِداً
لهُ نَفَسٌ في أثْرِها، مُتَرَاجِعُ
وَلَنْ يَنقُلَ الحُسّادُ مَجدَكَ بَعدَما
تَمكّنَ رَضْوَى،واطمَأنّ مَتَالِعُ
أأكفُرُكَ النَّعْمَاءَ عِندي، وَقد نمتْ
عَليّ نُمُوَّ الفَجْرِ، والفَجْرُ ساطِعُ
وأنتَ الذي أعْزَزْتَني بَعدَ ذِلّتي
فلا القوْلُ مَخفوضٌ ولا الطّرْفُ خاشعُ
وأغْنَيْتَني عَن مَعشَرٍ كُنتُ بُرْهَةً
أُكَافِحُهُمْ عَن نَيْلِهِمْ، وأُقَارِعُ
فَلَسْتُ أُبَالي جَادَ بالعرف باذل
على راغبٍ ضن بالخَيرِ مانِعُ
وأقصَرْتُ عَن حَمدِ الرّجَالِ وذمِّهم
وَفيهِمْ وَصُولٌ للإخَاءِ، وَقَاطِعُ
أرَى الشّكْرَ في بَعْضِ الرّجَالِ أمانَةً
تَفَاضَلُ، والمَعْرُوفُ فيهِمْ ودائِعُ
وَلَمْ أرَ مِثْلِي أتْبَعَ الحَمْدَ أهْلَهُ
وَجَازَى أخَا النُّعْمَى بِما هُوَ صانِعُ
قَصَائِدُ مَا تَنْفَكُّ فيها
تألّقُ في أظعافهَا وَبَدَائِعُ
مُكَرَّمَةُ الأنْسَابِ، فيها وسَائِلٌ
إلى غَيْرِ مَنْ يُحْبَى بهَا، وَذَرَائِعُ
تَنالُ مَنَالَ اللّيلِ في كُلّ وِجْهَةٍ
وَتَبقَى كَمَا تَبقَى النّجُومُ الطّوَالِعُ
إذا ذَهَبَتْ شَرْقاً وَغَرْباً، فأمْعَنَتْ
تَبَيّنْتُ مَنْ تَزْكُو لَدَيهِ الصّنَائِعُ

مدحت الجزيرة 26/9/2016 12:27 AM

رد: من روائع الفصحى للشعراء العرب ...
 




البحتري
بعدوك الحدث الجليل الواقع


بعَدُوّكَ الحِدْثُ الجَليلُ الوَاقِعُ
وَلِمَنْ يُكَايدُكَ الحِمَامُ الفَاجِعُ
قُلْنَا لَعاً لَمّا عَثَرْتَ وَلاَ تَزَلْ
نُوَبُ اللّيَالي وَهيَ عَنكَ رَوَاجِعُ
وَلَرُبّمَا عَثَرَ الجَوَادُ وَشَأوُهُ
مُتَقَدّمٌ وَنَبَا الحُسَامُ القاطعُ
لَنْ يَظفَرَ الأعداءُ منكَ بزَلّةٍ
والله دُونَكَ حَاجِزٌ وَمُدافعُ
إحدَى الحَوَادِثِ شارَفَتكَ فرَدَّها
دَفْعُ الإلَهِ وَصُنْعُهُ المُتَتَابِعُ
دَلّتْ عَلَى رَأيِ الإمَام وأنَّهُ
قَلقُ الضّميرِ لما أصَابَكَ جازِعُ
هَل غَايَةُ الوَجدِ المُبَرِّحِ غيرُ أنْ
يَعلُو نَشيجٌ أوْ تَفيضَ مَدامعُ
وَفَضِيلَةٌ لكَ إنْ مُنيتَ بمثْلهَا
فنَجَوْتَ مُتّئداً وَقَلْبُكَ جامِعُ
ما حَالَ لَوْنٌ عندَ ذاكَ ولا هَفَا
عَزْمٌ وَلاَ رَاعَ الجَوَانحَ رَائعُ
حتّى بَرَزْتَ لَنَا وَجأشُكَ ساكنٌ
منْ نَجدَةٍ، وَضِيَاءُ وَجهك ساطعُ
خَبَرٌ يَسُوءُ الحاسدينَ
إذا بَدَا وأعَادَ فيهِ مُحَدِّثٌ أو سامعُ
سارَتْ بهِ الرُّكبانُ عَنكَ، ورُبّما
كَبَتَ الحسودَ لكَ الحديثُ الشّائعُ


الساعة الآن 12:49 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir