المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) .


zoro1
29/5/2023, 10:52 AM
تفسير آية
(يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)




قال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ [1] أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 105].



قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين أن يُصلِحوا أنفسهم ويفعلوا الخير بجُهدِهم وطاقتهم، ومخبرًا لهم أنه من أصلح أمره لا يضرُّه فسادُ مَن فسد من الناس، سواء كان قريبًا منه أو بعيدًا، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: يقول تعالى: إذا ما العبد أطاعني فيما أمرتُه به من الحلال، ونهيتُه عنه من الحرام، فلا يضرُّه من ضل بعدُ، إذا عمل بما أمرته، وهكذا قال مقاتلُ بن حيان؛ فقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [المائدة: 105] نُصِب على الإغراء، ﴿ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ... ﴾ [المائدة: 105]؛ أي: فيُجازي كلَّ عامل بعمله؛ إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشر.



وليس فيها دليلٌ على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان فِعلُ ذلك ممكنًا، وقد قام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فحمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال: أيُّها الناس، إنكم تقرَؤون هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ... ﴾ [المائدة: 105]، وإنَّكم تضَعونها في غير موضعها، وإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأَوُا المنكر ولا يغيِّرونه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه))[2].



وقال ابن جرير:

تلا الحسَنُ هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ... ﴾ [المائدة: 105]، فقال الحسن: الحمدُ لله بها، والحمد لله عليها، ما كان مؤمنٌ فيما مضى ولا مؤمن فيما بقي إلاَّ وإلى جنبه منافقٌ يَكرَه عمله.



وقال سعيد بن المسيَّب: إذا أمرتَ بالمعروف ونهيتَ عن المنكر، فلا يضرُّك من ضلَّ إذا اهتديت[3].



قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى:

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [المائدة: 105]؛ أي: اجتهِدوا في إصلاحها وكمالها، وإلزامِها سلوكَ الصراط المستقيم؛ فإنكم إذا صلَحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم ولم يهتدِ إلى الدين القويم، وإنما يضرُّ نفسه، ولا يدل هذا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يضرُّ العبدَ تركُهما وإهمالُهما؛ فإنه لا يتم هذا إلا بالإتيان بما يجبُ عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.



نعم، إذا كان العبد عاجزًا عن إنكار المنكر بيده ولسانه، وأنكره بقلبه، فإنه لا يضرُّه ضَلال غيرِه.



وقوله تعالى: ﴿ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 105]؛ أي: مآلُكم يوم القيامة واجتماعكم بين يدَيِ الله تعالى: ﴿ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 105]؛ من خيرٍ أو شر[4].


[1] قيل في هذه الآية: هي الوحيدة التي جمعَت بين الناسخ والمنسوخ؛ فالنَّاسخ فيها قوله: ﴿ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]، والمنسوخ قوله: ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [المائدة: 105]؛ إذ مَن اهتدى لا يضرُّه من ضل، ولا تتم الهداية إلا بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقالت العلماء: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتعيَّن متى رُجي القَبولُ والتغيير، فإن كان هناك عدم رجاء، فلا يجب الأمر والنهي، وكذا يَسقُط إذا خاف ضررًا يلحقه لا يقوى عليه، أو يلحق غيرَه من المسلمين؛ "أيسر التفاسير"؛ الجزائري.

[2] رواه أحمد والترمذيُّ وابن ماجه رحمهم الله تعالى، عن أبي بكرٍ رضي الله عنه؛ ص. ج رقم 1974.

[3] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

[4] تفسير السعدي رحمه الله تعالى.



المصدر

موقع الالوكة

۩◄عبد العزيز شلبى►۩
29/5/2023, 03:12 PM
بـــــــــــــــارك الــلـــه فـــــــيــــــــك

خضر الدبيات
29/5/2023, 05:51 PM
جزاك الله خيرا

عبده فودة
1/9/2023, 10:49 AM
http://i.imgur.com/lGPsaFq.gif