helmy40
10/3/2010, 06:52 PM
جولة في مساكن أهل الجنة
الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وبعد :
يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) [ العنكبوت، 58 ]، وقال سبحانه: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) [ الزمر، 20 ].
هذان خبران من الله تعالى فيه وصف مساكن أهل الجنة، وأنها: (غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ) وهي القُصُور الشاهقة، و(من فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ) أي طِبَاقٌ فوق طباق، مبنياتٌ عالياتٌ مُحْكَمَات مُزَخْرَفَات. قال ابن عباس: من زبرجد وياقوت.
وجاء في بعض الأحاديث أن من البيوت ما يكون قطعة واحدة من لؤلؤ مجوف: الغرف، والأبواب، وأثاث البيت وأجزاؤه الأخرى كلها من لؤلؤ، ومنها ما هو من ذهب خالص، ومنها ما يكون مبنياً بالذهب والفضة.
وأخبر سبحانه عن هذه المساكن بأنها: (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) أي تسلك الأنهار بين خلالها وممراتها، وذلك كما يشاءون وحيث يريدون، وهذه الأنهار أنواعٌ منوَّعة، وأصنافٌ متعددة، مع ما اشتهوه من أطعمة وثمار، وتلك الأنهار: (أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى) وتحيط بهم كل الثمرات، فتوفر لهم فيها أسباب النُزهة والبهجة والسرور العظيم.
ولا شك أن منظر الماء وهو يجري بجوار المساكن مما تبدو فيه روعة الخلق وزهو المكان، وقد سكنت في بعض الفنادق في دول محددة وكان الفندق على حافة نهر جار، فتذكرت بتلك المناظر الخلابة والأصوات الآسرة... صوت خرير الماء وجريان النهر والطيور الصادحة... تذكرت بها مساكن الجنة.
وبيوت أهل الجنة أنواع منوعة، ودرجات متفاوتة، بحسب مَنْزِلَة العبد في الجنة، وَلْتَطُفْ بخيالك ما شئتَ بين هاتيك الأرجاء، ولْتحلِّق بأفكارك كيفما استطعت بين تلك الأنحاء، حيث: "ما لا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر".
ومهما تخيَّلتَ من النعيم؛ فالجنة فوق ذلك وأعظم، الجنة التي (فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ) حيث يُقَال لأهلها: (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) حيث يملك كل واحدٍ من أهلها الملكَ العظيم، وحسبك أن تعلم أن: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها" بهذا صحَّ الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا السياق يحدثنا أبو هريرة فيقول: قلنا يا رسول أخبرنا عن الجنة، ما بِنَاؤُها ؟ قال: "لَبِنَةٌ من ذَهَب، ولَبِنَةٌ من فضة، مِلاطُها ـ وهو ما يجعل بين اللَّبِنات ـ المِسْكُ الأذفر، حصباؤها الياقوت واللؤلؤ، وتربتها الوَرْسُ والزعفران، من يدخلها يخلد لا يموت، وينعم لا يبأس، لا يبلى شبابهم ولا تخرق ثيابهم" رواه الإمام أحمد.
وعن بيوت الجنة يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلاً، في كل زاوية منها أهلٌ ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون، وجَنَتَّان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من كذا، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رِدَاءُ الكِبْر على وجهه في جنة عَدْن " رواه البخاري.
وهذه المساكن لا تتناهى لذائذها، ولا يتطرق لأهلها ملل، فإن الناس في الدنيا مهما نالوا من المتع واللذائذ إلا أنهم يملُّونها، فتجد صاحب القصر العظيم تتوق نفسه إلى تغيير حاله فيخرج إلى البراري والمزارع، فما يلبث أن يمل منها، ويطلب التحول، وصاحب المزارع والأنهار يسافر إلى الفيافي والقفار فيجد من حداثة الحياة ما لم يجده في مزرعته، ثم يمل ويطلب تغيير الحال، وصاحب الطعام الفاخر ما يلبث أن تحدثه نفسه فيطلب طعاماً متواضعاً لا يلبث كثيراً حتى يتحول عنه وهكذا، وهكذا أهل الدنيا بعامة، ولكن أهل الجنة في مساكنهم وجنانهم لا يملُّون مهما تطاول زمانهم، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً. خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) /الكهف108/.
وفي ضوء ما تقدم فإن العاقل هو من يعمر بيته الذي تطول إقامته فيه، ويجد في أرجائه أنواع اللذة والنعيم المقيم، قال الله تعالى: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) /سبأ37/.
وفق الله الجميع لما فيه الخير، ووفقنا لمرضاته وسكنى جناته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وبعد :
يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) [ العنكبوت، 58 ]، وقال سبحانه: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ) [ الزمر، 20 ].
هذان خبران من الله تعالى فيه وصف مساكن أهل الجنة، وأنها: (غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ) وهي القُصُور الشاهقة، و(من فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ) أي طِبَاقٌ فوق طباق، مبنياتٌ عالياتٌ مُحْكَمَات مُزَخْرَفَات. قال ابن عباس: من زبرجد وياقوت.
وجاء في بعض الأحاديث أن من البيوت ما يكون قطعة واحدة من لؤلؤ مجوف: الغرف، والأبواب، وأثاث البيت وأجزاؤه الأخرى كلها من لؤلؤ، ومنها ما هو من ذهب خالص، ومنها ما يكون مبنياً بالذهب والفضة.
وأخبر سبحانه عن هذه المساكن بأنها: (تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) أي تسلك الأنهار بين خلالها وممراتها، وذلك كما يشاءون وحيث يريدون، وهذه الأنهار أنواعٌ منوَّعة، وأصنافٌ متعددة، مع ما اشتهوه من أطعمة وثمار، وتلك الأنهار: (أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى) وتحيط بهم كل الثمرات، فتوفر لهم فيها أسباب النُزهة والبهجة والسرور العظيم.
ولا شك أن منظر الماء وهو يجري بجوار المساكن مما تبدو فيه روعة الخلق وزهو المكان، وقد سكنت في بعض الفنادق في دول محددة وكان الفندق على حافة نهر جار، فتذكرت بتلك المناظر الخلابة والأصوات الآسرة... صوت خرير الماء وجريان النهر والطيور الصادحة... تذكرت بها مساكن الجنة.
وبيوت أهل الجنة أنواع منوعة، ودرجات متفاوتة، بحسب مَنْزِلَة العبد في الجنة، وَلْتَطُفْ بخيالك ما شئتَ بين هاتيك الأرجاء، ولْتحلِّق بأفكارك كيفما استطعت بين تلك الأنحاء، حيث: "ما لا عينٌ رأت، ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر".
ومهما تخيَّلتَ من النعيم؛ فالجنة فوق ذلك وأعظم، الجنة التي (فِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ) حيث يُقَال لأهلها: (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) حيث يملك كل واحدٍ من أهلها الملكَ العظيم، وحسبك أن تعلم أن: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها" بهذا صحَّ الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا السياق يحدثنا أبو هريرة فيقول: قلنا يا رسول أخبرنا عن الجنة، ما بِنَاؤُها ؟ قال: "لَبِنَةٌ من ذَهَب، ولَبِنَةٌ من فضة، مِلاطُها ـ وهو ما يجعل بين اللَّبِنات ـ المِسْكُ الأذفر، حصباؤها الياقوت واللؤلؤ، وتربتها الوَرْسُ والزعفران، من يدخلها يخلد لا يموت، وينعم لا يبأس، لا يبلى شبابهم ولا تخرق ثيابهم" رواه الإمام أحمد.
وعن بيوت الجنة يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلاً، في كل زاوية منها أهلٌ ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون، وجَنَتَّان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من كذا، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رِدَاءُ الكِبْر على وجهه في جنة عَدْن " رواه البخاري.
وهذه المساكن لا تتناهى لذائذها، ولا يتطرق لأهلها ملل، فإن الناس في الدنيا مهما نالوا من المتع واللذائذ إلا أنهم يملُّونها، فتجد صاحب القصر العظيم تتوق نفسه إلى تغيير حاله فيخرج إلى البراري والمزارع، فما يلبث أن يمل منها، ويطلب التحول، وصاحب المزارع والأنهار يسافر إلى الفيافي والقفار فيجد من حداثة الحياة ما لم يجده في مزرعته، ثم يمل ويطلب تغيير الحال، وصاحب الطعام الفاخر ما يلبث أن تحدثه نفسه فيطلب طعاماً متواضعاً لا يلبث كثيراً حتى يتحول عنه وهكذا، وهكذا أهل الدنيا بعامة، ولكن أهل الجنة في مساكنهم وجنانهم لا يملُّون مهما تطاول زمانهم، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً. خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) /الكهف108/.
وفي ضوء ما تقدم فإن العاقل هو من يعمر بيته الذي تطول إقامته فيه، ويجد في أرجائه أنواع اللذة والنعيم المقيم، قال الله تعالى: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) /سبأ37/.
وفق الله الجميع لما فيه الخير، ووفقنا لمرضاته وسكنى جناته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.