المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم تكفير حكام المسلمين


باسل الترك
17/9/2009, 12:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

احبتي في الله هذا كلام العلامه محمد ناصر الدين الالباني عليه رحمة الله

في الفتنه الحاصله في زماننا هذا وهي تكفير ولاة الامور والخروج عليهم :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد ..

فإن مسألة التكفير عموماً – لا للحكام فقط ؛ بل وللمحكومين أيضاً – هي فتنة عظيمة قديمة ، تبنتها فرقة من الفرق الإسلامية القديمة ، وهي المعروفة بـ ( الخوارج ) ([2]) .

ومع الأسف الشديد فإن البعض من الدعاة أو المتحمسين قد يقع في الخروج عن الكتاب والسنة ولكن باسم الكتاب والسنة . والسبب في هذا يعود إلى أمرين اثنين :

أحدهما هو : ضحالة العلم .

والأمر الآخر – وهو مهم جداً - : أنهم لم يتفقهوا بالقواعد الشرعية ، والتي هي أساس الدعوة الإسلامية الصحيحة ، التي يعد كل من خرج عنها من تلك الفرق المنحرفة عن الجماعة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم في غير ما حديث ؛ بل والتي ذكرها ربنا عز وجل ، وبين أن من خرج عنها يكون قد شاق الله ورسوله ، وذلك في قوله عز وجل : } ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيراً { ( 115 – النساء ) . فإن الله – لأمر واضح عند أهل العلم – لم يقتصر على قوله } ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى … نوله ما تولى … { وإنما أضاف إلى مشاقة الرسول اتباع غير سبيل المؤمنين ، فقال : } ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيراً { ( 115 – النساء ) .

فاتباع سبيل المؤمنين أو عدم اتباع سبيلهم أمر هام جداً إيجاباً وسلباً ، فمن اتبع سبيل المؤمنين : فهو النّاجي عند رب العالمين ، ومن خالف سبيل المؤمنين : فحسبه جهنم وبئس المصير .

من هنا ضلت طوائف كثيرة جداً – قديماً وحديثاً – ، لأنهم لم يكتفوا بعدم التزام سبيل المؤمنين حَسْبُ ، ولكن ركبوا عقولهم ، واتبعوا أهواءهم في تفسير الكتاب والسنة ، ثم بنوا على ذلك نتائج خطيرة جداً ، خرجوا بها عما كان عليه سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عليهم جميعاً .

وهذه الفقرة من الآية الكريمة : } ويتبع غير سبيل المؤمنين { أكدها عليه الصلاة والسلام تأكيداً بالغاً في غير ما حديث نبوي صحيح .

وهذه الأحاديث – التي سأورد بعضاً منها – ليست مجهولة عند عامة المسلمين – فضلاً عن خاصتهم – لكن المجهول فيها هو أنها تدل على ضرورة التزام سبيل المؤمنين في فهم الكتاب والسنة ووجوب ذلك وتأكيده .

وهذه النقطة يسهو عنها – ويغفل عن ضرورتها ولزومها – كثير من الخاصة ، فضلاً عن هؤلاء الذين عرفوا بـ ( جماعة التكفير ) ، أو بعض أنواع الجماعات التي تنسب نفسها للجهاد وهي في حقيقتها من فلول التكفير .

فهؤلاء – وأولئك – قد يكونون في دواخل أ نفسهم صالحين ومخلصين ، ولكن هذا وحده غير كاف ليكون صاحبه عند الله عز وجل من الناجين المفلحين .

إذ لابد للمسلم أن يجمع بين أمرين اثنين :

· صدق الإخلاص في النية لله عز وجل .

· وحسن الاتباع لما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم .

فلا يكفي – إذاً – أن يكون المسلم مخلصاً وجاداً فيما هو في صدده من العمل بالكتاب والسنة والدعوة إليهما ؛ بل لا بد – بالإضافة إلى ذلك – من أن يكون منهجه منهجاً سوياً سليماً ، وصحيحاً مستقيماً ؛ ولا يتم ذلك على وجهه إلا باتباع ما كان عليه سلف الأمة الصالحون رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .

فمن الأحاديث المعروفة الثابتة التي تؤصل ما ذكرت – وقد أشرت إليها آنفاً – حديث الفرق الثلاث والسبعين ، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ] افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة [ قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ] الجماعة [ ، وفي رواية : ] ما أنا عليه وأصحابي [ .

فنجد أن جواب النبي صلى الله عليه و سلم يلتقي تماماً مع الآية السابقة : } ويتبع غير سبيل المؤمنين { . فأول ما يدخل في عموم الآية هم أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم .

إذ يكتف الرسول صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث بقوله : ] ما أنا عليه… [ ، - مع أن ذلك قد يكون كافياً في الواقع للمسلم الذي يفهم حقاً الكتاب والسنة - ؛ ولكنه عليه الصلاة والسلام يطبق تطبيقاً عملياً قوله سبحانه وتعالى في حقه صلى الله عليه و سلم أنه : } بالمؤمنين رءوف رحيم { (128- التوبة ) .

فمن تمام رأفته وكمال رحمته بأصحابه وأتباعه ِأن أوضح لهم صلوات الله وسلامه عليه أن علامة الفرقة الناجية : أن يكون أبناؤها وأصحابها على ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ، وعلى ما كان عليه أصحابه من بعده .

وعليه فلا يجوز أن يقتصر المسلمون عامة والدعاة خاصة في فهم الكتاب والسنة على الوسائل المعروفة للفهم ؛ كمعرفة اللغة العربية ، والناسخ والمنسوخ ، وغير ذلك ؛ بل لا بد من أن يرجع قبل ذلك كله إلى ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ؛ لأنهم – كما تبين من آثارهم ومن سيرتهم – أنهم كانوا أخلص لله عز وجل في العبادة ، وأفقه منّا في الكتاب والسنة ، إلى غير ذلك من الخصال الحميدة التي تخلّقوا بها ، وتأدبوا بآدابها .

ويشبه هذا الحديث تماماً – من حيث ثمرته وفائدته – حديث الخلفاء الراشدين ، المروي في السنن من حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه ، قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعظة وَجِلَت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : كأنها موعظة مُودّع فأوصنا يا رسول الله ! قال : ] أوصيكم بالسمع والطاعة ، وإن ولي عليكم عبد حبشي ، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ… { وذكر الحديث .

والشاهد من هذا الحديث ، هو معنى جوابه على السؤال السابق ، إذ حض صلى الله عليه و سلم أمته في أشخاص أصحابه أن يتمسكوا بسنته ، ثم لم يقتصر على ذلك بل قال : ] وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي [ .

فلا بد لنا – والحالة هذه – من أن ندندن دائماً وأبداً حول هذا الأصل الأصيل ؛ إذا أردنا أن نفهم عقيدتنا ، وأن نفهم عبادتنا ، وأن نفهم أخلاقنا وسلوكنا .

ولا محيد عن العودة إلى منهج سلفنا الصالح لفهم كل هذه القضايا الضرورية للمسلم ، حتى يتحقق فيه – صدقاً – أنه من الفرقة الناجية .

ومن هنا ضلت طوائف قديمة وحديثة حين لم يتنبّهوا إلى مدلول الآية السابقة ، وإلى مغزى حديث سنة الخلفاء الراشدين ، وكذا حديث افتراق الأمة ، فكان أمراً طبيعياً جداَ أن ينحرفوا كما انحرف من سبقهم عن كتاب الله ، وسنة رسول صلى الله عليه و سلم ، ومنهج السلف الصالح .

ومن هؤلاء المنحرفين : الخوارج قدماء ومحدثين .

فأن أصل فتنة التكفير في هذا الزمان ، – بل منذ أزمان – هو آية يدندنون دائماً حولها ؛ ألا وهي قوله تعالى : } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون { ( 44- المائدة ) ، فيأخذونها من غير فهوم عميقة ، ويوردونها بلا معرفة دقيقة .

ونحن نعلم أن هذه الآية الكريمة قد تكررت وجاءت خاتمتها بألفاظ ثلاثة ، وهي : } فأولئك هم الكافرون { ، } فأولئك هم الظالمون { [ 45- المائدة ] ، } فأولئك هم الفاسقون { [ 47 – المائدة ] .

فمن تمام جَهْل الذين يحتجون بهذه الآية باللفظ الأول منها فقط : } فأولئك هم الكافرون { : أنهم لم يُلِمّوا على الأقل ببعض النصوص الشريعة – قرآناً أم سنة – التي جاء فيها ذكر لفظة ( الكفر ) ، فأخذوها – بغير نظر – على أنها تعني الخروج من الدين ، وأنه لا فرق بين هذا الذي وقع في الكفر ، وبين أولئك المشركين من اليهود والنصارى وأصحاب الملل الأخرى الخارجة عن ملة الإسلام .

بينما لفظة الكفر في لغة الكتاب والسنة لا تعني – دائماً – هذا الذي يدندنون حوله ، ويسلطون هذا الفهم الخاطئ المغلوط عليه .

فشأن لفظة } الكافرون { - من حيث إنها لا تدل على معنى واحد – هو ذاته شأن اللفظين الآخرين : } الظالمون { و } الفاسقون { ، فكما أن من وُصف أنه ظالم أو فاسق لا يلزم بالضرورة ارتداده عن دينه ، فكذلك من وُصف بأنه كافر ؛ سواء بسواء .

وهذا التنوع في معنى اللفظ الواحد هو الذي تدل عليه اللغة ، ثم الشرع الذي جاء بلغة العرب – لغة القرآن الكريم – .

فمن أجل ذلك كان الواجب على كل من يتصدى لإصدار الأحكام على المسلمين – سواءً كانوا حكاماً أم محكومين- أن يكون على علم واسع بالكتاب والسنة ، وعلى ضوء منهج السلف الصالح .

والكتاب والسنة لا يمكن فهمهما – وكذلك ما تفرع عنهما – ألا بطريق معرفة اللغة العربية وآدابها معرفة دقيقة .

فإن كان لدى طالب العلم نقص في معرفة اللغة العربية ، فإن مما يساعده في استدراك ذلك النقص الرجوع إلى فهم من قبله من الأئمة والعلماء ، وبخاصة أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية .

ولنرجع إلى الآية : } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون { ، فما المراد بالكفر فيها ؟ هل هو الخروج عن الملة ؟ أو أنه غير ذلك ؟

فأقول : لا بد من الدقة في فهم هذه الآية ، فإنها قد تعني الكفر العملي ؛ وهو الخروج بالأعمال عن بعض أحكام الإسلام .

ويساعدنا في هذا الفهم حبر الأمة وترجمان القرآن ، عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ؛ الذي أجمع المسلمون جميعاً – إلا من كان من تلك الفرق الضالة – على أنه إمام فريد في التفسير .

فكأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تماماً من أن هناك أناساً يفهمون هذه الآية فهماً سطحياً ، من غير تفصيل ، فقال رضي الله عنه : " ليس الكفر الذي تذهبون إليه " ، و : " إنه ليس كفراً ينقل عن الملة " و : " هو كفر دون كفر " .

ولعله يعني بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، ثم كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين ، وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين : فقال : ليس الأمر كما قالوا ، أو كما ظنوا ، وإنما هو كفر دون كفر([3]) .

هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الحكم الذي لا يمكن أن يُفهم سواه من النصوص التي أشرت إليها قبل ([4]) .

ثم إن كلمة ( الكفر ) ذُكرت في كثير من النصوص القرآنية والحديثية ، ولا يمكن أن تُحمل – فيها جميعاً – على أنها تساوي الخروج من الملة ([5]) ، من ذلك مثلاً الحديث المعروف في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ] سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر [ . فالكفر هنا هو المعصية ، التي هي الخروج عن الطاعة ، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام – وهو أفصح الناس بياناً – بالغ في الزجر ، قائلاً : ] … وقتاله كفر [ .

ومن ناحية أخرى ، هل يمكن لنا أن نفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث – ] سباب المسلم فسوق [ – على معنى الفسق المذكور في اللفظ الثالث ضمن الآية السابقة : } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون { ؟

والجواب : أن هذا قد يكون فسقاً مرادفاً للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملة ، وقد يكون الفسق مرادفاً للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة ، وإنما يعني ما قاله ترجمان القرآن إنه كفر دون كفر .

وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى ؛ وذلك لأن الله عز وجل قال : } وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله { . إذ قد ذكر ربنا عز وجل هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقة المؤمنة ، ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر ، مع أن الحديث يقول : ] … وقتاله كفر [ .

إذاً فقتاله كفر دون كفر ، كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة تماماً .

فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء ، وفسق وكفر ، ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفراً عملياً ، وقد يكون كفراً اعتقادياً .

من هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام – بحق – شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية ، إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنة على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم ، الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة ، فابن تيمية يرحمه الله وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية : يدندنان دائماً حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي ، وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين ، التي وقع فيها الخوارج قديماً وبعض أذنابهم حديثاً .

وخلاصة القول : إن قوله صلى الله عليه و سلم ] … وقتاله كفر [ لا يعني – مطلقاً – الخروج عن الملة .

والأحاديث في هذا كثيرة جداً ، فهي – جميعاً- حجة دامغة على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة ، ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي .

فحسبنا الآن هذا الحديث ؛ لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر ، بمعنى الكفر العملي ، وليس الكفر الاعتقادي .

فإذا عدنا إلى ( جماعة التكفير ) – أو من تفرع عنهم – ، وإطلاقهم على الحكام ، – وعلى من يعيشون تحت رايتهم بالأولى ، وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم – الكفر والردة ، فإن ذلك مبني على وجهة نظرهم الفاسدة ، القائمة على أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك ([6]) .

ومن جملة الأمور التي يفيد ذكرها وحكايتها : أنني التقيت مع بعض أولئك الذين كانوا من ( جماعة التكفير ) ثم هداهم الله عز وجل :

فقلت لهم : ها أنتم كفرتم بعض الحكام ، فما بالكم تكفرون أئمة المساجد ، وخطباء المساجد ، ومؤذني المساجد ، وخَدَمَةَ المساجد ؟ وما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس وغيرها ؟

قالوا : لأن هؤلاء رضوا بحكم هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله .

فأقول : إذا كان هذا الرضى رضىً قلبياً بالحكم بغير ما أنزل الله ، فحينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي . فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يرى ويعتقد أن هذا هو الحكم اللائق تبنيه في هذا العصر ، وأنه لا يليق به تبنيه للحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسنة ، فلا شك أن هذا الحاكم يكون كفره كفراً اعتقادياً ، وليس كفراً عملياً فقط ، ومن رضي ارتضاءه واعتقاده : فإنه يلحق به ([7]) .

ثم قلت لهم : فأنتم – أولاً – لا تستطيعون أن تحكموا على كل حاكم يحكم بالقوانين الغربية الكافرة – أو بكثير منها – ، أنه لو سئل عن الحكم بغير ما أنزل الله ؟! لأجاب : بأن الحكم بهذه القوانين هو الحق والصالح في هذا العصر ، وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام ، لأنهم لو قالوا ذلك لصاروا كفاراً – حقاً – دون شك ولا ريب .

فإذا انتقلنا إلى المحكومين – وفيهم العلماء والصالحون وغيرهم – ، فكيف تحكمون عليهم بالكفر بمجرد أنهم يعيشون تحت حكم يشملهم كما يشملكم أنتم تماماً ؟ ولكنكم تعلنون أن هؤلاء كفار مرتدون ، والحكم بما أنزل الله هو الواجب ، ثم تقولون معتذرين لأنفسكم : إن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل لا يستلزم الحكم على هذا العامل بأنه مرتد عن دينه ! .

وهذا عين ما يقوله غيركم ، سوى أنكم تزيدون عليهم – بغير حق – الحكم بالتكفير والردة .

ومن جملة المسائل التي توضح خطأهم وضلالهم ، أن يقال لهم : متى يحكم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله – وقد يكون يصلي – بأنه ارتد عن دينه ؟

أيكفي مرة واحدة ؟

أو أنه يجب أن يعلن أنه مرتد عن الدين ؟! .

إنهم لن يعرفوا جواباً ، ولن يهتدوا صواباً ، فنضطر إلى أن نضرب لهم المثل التالي ، فنقول :

قاضِ يحكم بالشرع ، هكذا عادته ونظامه ، لكنه في حكومة واحدة زلَت به القدم فحكم بخلاف الشرع ، أي : أعطى الحق للظالم وحرمه المظلوم ، فهذا – قطعاً – حكم بغير ما أنزل الله ؟ فهل تقولون بأنه : كَفَرَ كُفرَ ردة ؟

سيقولون : لا ؛ لأن هذا صدر منه مرة واحدة .

فنقول : إن صدر نفس الحكم مرة ثانية ، أو حكم آخر ، وخالف الشرع أيضاً ، فهل يكفر ؟

ثم نكرر عليهم : ثلاث مرات ، أربع مرات ، متى تقولون : أنه كفر ؟! لن يستطيعوا وضع حد بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع ، ثم لا يكفرونه بها .

في حين يستطيعون عكس ذلك تماماً ، إذا عُلمَ منه أنه في الحكم الأول استحسن الحكم بغير ما أنزل الله – مستحلاً له – واستقبح الحكم الشرعي ، فساعتئذ يكون الحكم عليه بالردة صحيحاً ، ومن المرة الأولى .

وعلى العكس من ذلك : لو رأينا منه عشرات الحكومات ، في قضايا متعددة خالف فيها الشرع ، وإذا سألناه : لماذا حكمت بغير ما أنزل الله عز وجل ؟ فرد قائلاً : خفت وخشيت على نفسي ، أو ارتشيت مثلاً فهذا أسوأ من الأول بكثير ، ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نقول بكفره ، حتى يعرب عمّا في قلبه بأنه لا يرى الحكم بما أنزل الله عز وجل ، فحينئذ فقط نستطيع أن نقول : إنه كافر كفر ردة .

وخلاصة الكلام : لا بد من معرفة أن الكفر – كالفسق والظلم – ، ينقسم إلى قسمين :

· كفر وفسق وظلم يخرج من الملة ، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي .

· وآخر لا يخرج من الملة ؛ يعود إلى الاستحلال العملي .

فكل المعاصي – وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال عملي للرّبا ، والزنى ، وشرب الخمر ، وغيرها ، – هي من الكفر العملي ، فلا يجوز أن نكفر العصاة المتلبسين بشيء من المعاصي لمجرد ارتكابهم لها ، واستحلالهم إياها عملياً ، إلا إذا ظهر – يقيناً – لنا منهم – يقيناً – ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يُحَرّمُون ما حرم الله ورسوله اعتقاداً ؛ فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كفر ردة .

أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم ؛ لأننا نخشى أن نقع تحت وعيد قوله عليه الصلاة والسلام : ] إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما [ .

والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة جداً ، أذكر منها حديثاً ذا دلالة كبيرة ، وهو في قصة ذلك الصحابي الذي قاتل أحد المشركين ، فلما رأى هذا المُشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فما بالاها الصحابي فقتله ، فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه و سلم أنكر عليه ذلك أشد الإنكار ، فاعتذر الصحابي بأن المشرك ما قالها إلا خوفاً من القتل ، وكان جوابه صلى الله عليه و سلم : ] هلاّ شققت عن قلبه ؟! [ . أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه .

إذاً الكفر الاعتقادي ليس له علاقة أساسية بمجرد العمل ([8]) إنما علاقته الكبرى بالقلب .

ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الفاسق ، والفاجر ، والسارق ، والزاني ، والمرابي … ومن شابههم ، إلا إذا عبّر عما في قلبه بلسانه ، أما عمله فيبنئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية .

فنحن نقول : إنك خالفت ، وإنك فسقت ، وإنك فجرت ، لكن لا نقول : إنك كفرت ، وارتدت عن دينك ، حتى يظهر منه شئ يكون لنا عذر عند الله عز وجل في الحكم بردته ، ثم يأتي الحكم المعروف في الإسلام عليه ؛ ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ] من بدل دينه فاقتلوه [ .

ثم قلت – وما أزال أقول – لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين :

هبوا أن هؤلاء الحكام كفار كفر ردة ، وهبوا – أيضاً – أن هناك حاكماً أعلى على هؤلاء ، فالواجب – والحالة هذه – أن يطبق هذا الحاكم الأعلى فيهم الحد .

ولكن ؛ الآن : ماذا تستفيدون أنتم من الناحية العملية إذا سلّمنا – جدلاً – أن هؤلاء الحكام كفار كفر ردة ؟! ماذا يمكن أن تصنعوا وتفعلوا ؟ .

إذ قالوا : ولاء وبراء ؛ فنقول : الولاء والبراء مرتبطان بالموالاة والمعاداة – قلبية وعملية – وعلى حسب الاستطاعة ، فلا يشترط لوجودهما إعلان التكفير وإشهار الردة .

بل إن الولاء والبراء قد يكونان في مبتدع ، أو عاص ، أو ظالم .

ثم أقول لهؤلاء : ها هم هؤلاء الكفار قد احتلوا من بلاد الإسلام مواقع عدة ، ونحن مع الأسف ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين .

فما الذي نستطيع نحن وأنتم فعله مع هؤلاء ؟! حتى تقفوا أنتم – وحدكم – ضد أولئك الحكام الذين تظنون أنهم من الكفار ([9])؟! .

هلا تركتم هذه الناحية جانباً ، وبدأتم بتأسيس القاعدة التي على أساسها تقوم قائمة الحكومة المسلمة ، وذلك باتباع سنة رسول الله r التي ربى أصحابه عليها ، ونَشّأهم على نظامها وأساسها .

نذكر هذا مراراً ، ونؤكده تكراراً : لا بد لكل جماعة مسلمة من العمل بحق لإعادة حكم الإسلام ، ليس فقط على أرض الإسلام ، بل على الأرض كلها ، وذلك تحقيقاً لقوله تبارك وتعالى : } هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون { ( 9- الصف ) . وقد جاء في بعض بشائر الأحاديث النبوية أن هذه الآية ستتحقق فيما بعد .

فلكي يتمكن المسلمون من تحقيق هذا النص القرآني والوعد الإلهي ، فلا بد من سبيل بيّن وطريق واضح ، فهل يكون ذلك الطريق بإعلان ثورة على هؤلاء الحكام الذين يظن هؤلاء أن كفرهم كفر ردة ؟ ثم مع ظنهم هذا – وهو ظن غالط خاطئ – لا يستطيعون أن يعملوا شيئاً ([10]) .

إذاً ؛ ما هو المنهج ؟ وما هو الطريق ؟

لا شك أن الطريق الصحيح هو ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدندن حوله ، ويُذكّر أصحابه به في كل خطبة : ] وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم [ .

فعلى المسلمين كافة – وبخاصة منهم من يهتم بإعادة الحكم الإسلامي – أن يبدؤوا من حيث بدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وهو ما نوجزه نحن بكلمتين خفيفتين : ( التصفية ، والتربية ) .

ذلك لأننا نعلم حقائق ثابتة وراسخة يغفل عنها – أو يتغافل عنها – أولئك الغلاة ، الذين ليس لهم إلا إعلان تكفير الحكام ، ثم لا شيء .

وسيظلون يعلنون تكفير الحكام ، ثم لا يصدر منهم – أو عنهم – إلا الفتن والمحن !! .

والواقع في هذه السنوات الأخيرة على أيدي هؤلاء ، بدءاً من فتنة الحرم المكي ، إلى فتنة مصر ، وقتل السادات ، وأخيراً في

سوريا ، ثم الآن في مصر والجزائر – منظور لكل أحد – : هدر دماء من المسلمين الأبرياء بسبب هذه الفتن والبلايا ، وحصول كثير من المحن والرزايا .

كل هذا بسبب مخالفة هؤلاء لكثير من نصوص الكتاب والسنة ، وأهمها قوله تعالى : } لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً { ( 21 – الأحزاب ) .

إذا أردنا أن نقيم حكم الله في الأرض – حقاً لا ادعاء – ، هل نبدأ بتكفير الحكام ونحن لا نستطيع مواجهتهم ، فضلاً عن أن نقاتلهم ؟ أم نبدأ – وجوباً – بما بدأ به الرسول عليه الصلاة والسلام ؟

لاشك أن الجواب : } لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ … { .

ولكن ؛ بماذا بدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟

من المتيقين عند كل من اشتم رائحة العلم أنه صلى الله عليه و سلم بدأ بالدعوة بين الأفراد الذين كان يظن فيهم الاستعداد لتقبل الحق ، ثم استجاب له من استجاب من أفراد الصحابة – كما هو معروف في السيرة النبوية – ، ثم وقع بعد ذلك التعذيب والشدة التي أصابت المسلمين في مكة ، ثم جاء الأمر بالهجرة الأولى والثانية ، حتى وطد الله عز وجل الإسلام في المدينة المنورة ، وبدأت هناك المناوشات والمواجهات ، وبدأ القتال بين المسلمين وبين الكفار من جهة ، ثم اليهود من جهة أخرى … هكذا .

إذاً ؛ لا بد أن نبدأ نحن بتعليم الناس الإسلام الحق ، كما بدأ الرسول عليه الصلاة والسلام ، لكن ؛ لا يجوز لنا الآن أن نقتصر على مجرد التعليم فقط ، فلقد دخل في الإسلام ما ليس منه ، وما لا يمت إليه بصلة ، من البدع والمحدثات مما كان سبباً في تهدم الصرح الإسلامي الشامخ .

فلذلك كان الواجب على الدعاة أن يبدءوا بتصفية هذا الإسلام مما دخل فيه .

هذا هو الأصل الأول : ( التصفية )

وأما الأصل الثاني : فهو أن يقترن مع هذه التصفية تربية الشباب المسلم الناشئ على هذا الإسلام المصفى ([11]) .

ونحن إذا درسنا واقع الجماعات الإسلامية القائمة منذ نحو قرابة قرن من الزمان ، وأفكارها وممارساتها ، لوجدنا الكثير منهم لم يستفيدوا – أو يفيدوا – شيئاً يذكر ، برغم صياحهم وضجيجهم بأنهم يريدونها حكومة إسلامية ، مما سبب سفك دماء أبرياء كثيرين بهذه الحجة الواهية ، دون أن يحققوا من ذلك شيئاً .

فلا نزال نسمع منهم العقائد المخالفة للكتاب والسنة ، والأعمال المنافية للكتاب والسنة ، فضلاً عن تكرارهم تلك المحاولات الفاشلة المخالفة للشرع .

وختاماً أقول : هناك كلمة لأحد الدعاة– كنت أتمنى من أتباعه أن يلتزموها وأن يحققوها – وهي : ( أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم ) ([12]) .

لأن المسلم إذا صحح عقيدته بناءً على الكتاب والسنة ، فلا شك أنه بذلك ستصلح عبادته ، وستصلح أخلاقه ، وسيصلح سلوكه …إلخ

لكن هذه الكلمة الطيبة – مع الأسف – لم يعمل بها هؤلاء الناس ، فظلوا يصيحون مطالبين بإقامة الدولة المسلمة … لكن دون جدوى ، ولقد صدق فيهم – والله – قول الشاعر : ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس

لعل فيما ذكرت مقنعاً لكل منصف ، ومنتهى لكل متعسف .

والله المستعان .

وهذه هدية أخرى للتكفيريين من العلامة ابن باز عليه رحمة الله :

تقريظ سماحة العلامة الشيخ / عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد ([1])

فقد اطلعت على الجواب المفيد الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصرالدين الألباني وفقه الله ، المنشور في صحيفة المسلمون ، الذي أجاب به فضيلته من سأله عن : " تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل " .

فألفيتها كلمة قيمة أصاب فيها الحق ، وسلك فيها سبيل المؤمنين ، وأوضح وفقه الله أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يُكَفّرَ من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك بقلبه ، واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن غيره من سلف الأمة .

ولاشك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى : } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون { ، و } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون { ، و : } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون { ، هو الصواب .

وقد أوضح أن الكفر كفران : أكبر وأصغر ، كما أن الظلم ظلمان ، وهكذا الفسق فسقان : أكبر وأصغر .

فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله ، أو الزنى ، أو الربا ، أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر ، وظلم ظلماً أكبر ، وفسق فسقاً أكبر :

ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر ، وظلمه ظلماً أصغر ، وهكذا فسقه ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه : ] سباب المسلم فسوق وقتاله كفر [ أراد بهذا صلى الله عليه و سلم الفسق الأصغر ، والكفر الأصغر ، وأطلق العبارة تنفيراً من هذا العمل المنكر .

وهكذا قوله صلى الله عليه و سلم : ] اثنتان في الناس هما بهما كفر : الطعن في النسب والنياحة على الميت [ أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه و سلم : ] لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض [ أخرجه البخاري ومسلم من حديث جرير رضي الله عنه ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

فالواجب على كل مسلم ولا سيما أهل العلم التثبت في الأمور ، والحكم فيها على ضوء الكتاب والسنة ، وطريق سلف الأمة والحذر من السبيل الوخيم الذي سلكه الكثير من الناس لإطلاق الأحكام وعدم التفصيل .

وعلى أهل العلم أن يعتنوا بالدعوة إلى الله سبحانه بالتفصيل ، وإيضاح الإسلام للناس بأدلته من الكتاب والسنة ، وترغيبهم في الاستقامة عليه ، والتواصي والنصح في ذلك مع الترهيب من كل ما يخالف أحكام الإسلام .

وبذلك يكونون قد سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه و سلم ، ومسلك خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين في إيضاح سبيل الحق ، والإرشاد إليه ، والتحذير مما يخالفه عملاً بقول الله سبحانه : } ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين { . وقوله عز وجل : } قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين { . وقوله سبحانه : } ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن { .

وقول النبي صلى الله عليه و سلم : ] من دل على خير فله مثل أجر فاعله [ ، وقوله صلى الله عليه و سلم : ] من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً [ . وقول النبي صلى الله عليه و سلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى اليهود في خيبر : ] ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم [ متفق على صحته .

وقد مكث النبي صلى الله عليه و سلم في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى توحيد الله ، والدخول في الإسلام بالنصح والحكمة والصبر والأسلوب الحسن ، حتى هدى الله على يديه وعلى يد أصحابه من سبقت له السعادة ، ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام ،

واستمر في دعوته إلى الله سبحانه ، هو وأصحابه رضي الله عنهم ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، والصبر والجدال بالتي هي أحسن ، حتى شرع الله له الجهاد بالسيف للكفار ، فقام بذلك عليه الصلاة والسلام هو وأصحابه رضي الله عنهم أكمل قيام ، فأيدهم الله ونصرهم وجعل لهم العاقبة الحميدة .

وهكذا يكون النصر وحسن العاقبة لمن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم إلى يوم القيامة ، والله المسؤول أن يجعلنا وسائر إخواننا في الله من أتباعهم بإحسان ، وأن يرزقنا وجميع إخواننا الدعاة إلى الله البصيرة النافذة والعمل الصالح ، والصبر على الحق حتى نلقاه سبحانه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

فادي الترك
17/9/2009, 04:01 PM
بارك الله فيك أخي الكريم

صلاح الخنانى
18/9/2009, 01:21 AM
جزاك الله خيرا

adnan_afamia
18/9/2009, 04:13 AM
بارك الله فيك أخي الكريم

علي جادالله
19/9/2009, 02:57 AM
http://www.stocksvip.net/p/ap/(16).gif

باسل الترك
20/9/2009, 04:44 AM
شكراً لمروركم الكريم

صلاح الخنانى
20/9/2009, 06:45 AM
مجهود رائع وموضوع مميز



الف .الف....مبروك....على ترشيحك .الاشراف


والله تستحقها...الف مبروك