محمود غريب
2/4/2009, 11:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الكاتب الشيخ جميل صالح حسن الدليمي
الموضوع وقفات مع النملة المعلمة والمربية للحكام والمحكومين
قال تعالى (حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ )
لتكون عملية التدبر مثمرة فلابد من اثبات بعض الحقائق
1- النمل أسم جنس واحده نملة والتاء تدل على الوحدة مثل تمر وتمرة وكلمة نملة لاتدل على التذكير والتأنيث والتاء في الفعل (قالت ) جائت مناسبة للتاء في كلمة نملة .
2- كلمة النمل مشتقة من الحركة مع دقة في الخلقة تقول تنملت اطرافي أي احسست بحركة وسمي النمام نماما لانه يتحرك بين طرفين بسرعة وسميت اطراف الاصابع أنامل لانها سريعة الحركة مع صغر في الحجم .
3- ان هذه النملة سواء كانت مذكر أو مؤنث يدل النص على انها ملكة بدليل أمرها (أدخلوا) ونهيها (لايحطمنكم )
ان هذه النملة تعلم الحكام أساليب الحكم ! والرعية الطاعة الواعية ! !!!
ولرب سائل يسئل هل تفصل لنا الامر ؟
فاقول مستعينا بالله سبحانه وتعالى :
تامل أخي الكريم في النص :لما جاء سيدنا سليمان عليه السلام وجنوده وكانت لهم هيبة وحشمة وعظمة وفخامة (حتى أذا أتواعلى وادي النمل ) فزعت الملكة ف(قالت )أى النملة صاحت حيث كان النمل مشغولا ! وتامل(ياايها) كيف ناسب القرآن بين مد النداء مع انشغال النمل وجاء بحرف النداء (يا) للبعيد ,حتى يدعك تتصور وتتملى المشهد وانت تشاهد نملة صغيرة مشفقة تصرخ بصوت عال ليصل الى ابعد نملة محذرة اياهم من جيش سليمان وجنوده.
وهذا درس للحكام ان لاينشغلوا عن امر الرعية . وخاصة عند الاخطار المفاجئة .ودرس اخر للحكام ان النملة
كانت متيقضة وتراقب مملكتها بدليل ما ان وصل الجيش اطراف مملكتها حتى نادت محذرة مملكتها .وقد حذرت كل المملكة دون تميز بين فقيرأوغني او ضعيف وقوي ...... بدليل ان كلمة النمل جائت معرفة اى كل النمل
تامل فعل الامر الصادر من الملكة او الملك (أدخلوا ) أين ندخل ياملكنا ويا سيدنا قالت ( مساكنكم ) . لم تدعهم في حيرة بل خصصت لهم اين يذهبون .
ومن لفظة ( مساكنكم ــــــــ النمل ) تنبيه للحكام عليهم ان يشيدوا بيوت ومساكن للرعية . ولفظة مساكن توحي انها ملاجيء للاختباء وقت الحروب فهي غير البيوت التي للراحة والنوم . لان استخدام السكن فيه دليل على الطمئنينة التامة .
واضافة السكن للنمل دليل على تمليكها لهم اى لم تقل ادخلوا مساكني كما تفعل الحكام الظلمة .
. وهنا اقول لكل ملك ان اردت من شعبك ان لايبيع وطنه فعليك ببناء مساكن لهم فمن لاسكن له لاوطن له .
ونلاحظ شفقة الملكة على رعيتها انها لم تكتفي باصدار الاوامر بل امرتهم بالاختفاء تحت الارض (لايحطمنكم ) والشعوب الاسلامية وخاصة العربية منها بحاجة ماسة الى شفقة الحكام وعطفهم .
والنملة تعرف سيدنا سليمان حق المعرفة وهي تملك تقارير مفصلة عنه وعن جنوده وعن طريقة حكمة ( لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون )
عرفت سليمان عليه السلام بالاسم وبرئته وجنوده من الظلم مع ان الجنود مظنة الظلم .
وهذا درس للحاكم ان يكون له عيون تراقب وتنقل الاخبار عما يدور حوله . وهذا مايسمى في عرفنا الاستخبرات العسكرية .
والملاحظ ان شعب النمل كان مطيعا للملك وهذا مستفاد من حذف جواب ألامر لما قالت النملة (أدخلوا ) اى فدخلوا مسرعين , فلو كانت هناك معصية لذكرها النص المقدس .
وهذا يدل دلالة واضحة على ان النمل يثق بقول الحاكم لما يتميز به من صدق وامانة وعدل ورحمة والشعوب بطبعها تكون منقادة لمن يحمل هذه الصفات .
ذكرت سيدنا سليمان عليه السلام بالاسم ليثق الشعب بكلامها حيث ان الاسم دليل المعرفة التامة .
والان نعرج الى بلاغة النص المبارك
(حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِى ٱلنَّمْلِ) قبل حتى كلمة محذوفة لان حتى وان كان يبتدأ بها الكلام ولكنها غاية لما قبلها (فهم يوزعون) اى من السير فيكون تقدير الكلام فساروا حتى أتوا وادي النمل وخذف كلمة ساروا لدلالة النص عليه وهذا أيجاز بالكلام ليدرب العقل على الفطنة والذكاء.وتعدى الفعل أتوا بحرف (على ) مع انه يتعدى بنفسه فتقول أتى زيد أو يتعدى بحرف الى فتقول اتيت الى زيد ولاتقول اتيت على زيد
فلماذا جاء الحرف (على ) ان مجيء هذا الحرف في غاية الدقة والروعة والجمال حيث يصور لنا مشهد سيدنا سليمان عليه السلام بحشمة الملك وعظمته وكثرة جنوده وعدتهم وعددهم بحيث لم يبقى من الارض شبرا الا وفيه قدم للجنود او مركباتهم ولو حذفت او بدلت هذا الحرف لاختفت هذه الصورة البيانية الرائعة وهذا دليل ان القرآن من عند الله سبحانه وتعالى .
(وادي النمل ) لقد اضيف الوادي للنمل لكثرته حتى يشعرنا بان مملكة النمل كبيرة جدا وكلها حركة ونشاط وهي أى المملكة محكومة بقوانين صارمة وتابعة لملك آمر وناهي.
(أدخلوا ) أمر وجوابه محذوف أي فدخلوا وهذا الحذف مقصود أى ان النمل كان في غاية الطاعة .
(مساكنكم ) التعبير بالمسكن من عجائب القرآن العظيم ,لم يقل ادخلوا بيوتكم
جاء التعبير بالمساكن ليتناسب مع حركة النمل المستمرة , فالامر خطير ويحتاج الى ايقاف الحركة وهذه الكلمة تصور لنا هذه المملكة العظيمة ذات الحركة السريعة وقد توقفت كليا عن الحركة بامر واحد صادر من الملكة , انه مشهد رائع !!!!!
وللكلمة ادوار اخرى منها ان للنمل بيوت وملاجيء المعبر عنها ب(مساكنكم) وهذا درس للحكام ان يبنوا ملاجيء لشعوبهم وقت الحرب .
وكلمة مساكن تبعث الطمئنينة في نفوس الرعية . وارجو ان تلاحظ اخي الحبيب روعة ودقة هذه الكلمة ووقعها على النفوس حيث ان الخطر الداهم يناسبه خطاب التطمين (أدخلوا مساكنكم )ولم تقل بيوتكم ,فكم من مسكن لاسكينة فيه .
كم عجيبة هذه الملكة وهي تطمئن شعبها في وقت الشدائد والاخطار .
(لايحطمنكم ) وفيه حذف أى خيل سليمان وجنوده ولاحظ اخي الكريم وجود حرف الطاءوهو للامتداد باستعلاء وهيمنة مع وجود الشدة وتطويل الكلمة كل هذا ليرسم لك المشهد وكانك تتامله وتعيش الحدث فالحرف يتناسب مع المشهد وهذا مطرد في كتاب الله سبحانه وتعالى . فالحروف والحركات والكلمات تتعاون فيما بينها لرسم المشهد حتى يكون حي تعيشه وتتملاه.
و لاحظ معي المد في هذا النص ( ماظن ان تبيد هذه ابدا ) سورة الكهف
فالحديث عن طول امل اهل الدنيا فجاء المد المناسب لهذا الطول اما في امر الاخرة فلامد بل جاء الكلام على وجه السرعة ليرسم لنا مشهد الغاغل عن امر الاخرة وفي هذا النص ( ادخلوا مساكنكم ـــــ لايحطمنكم ) قد خلا من المد حيث ان التحذير يحتاج الى الاختصار المناسب للحدث .وهذا التعبير (لايحطمنكم ) يحمل في طياته النهي وجواب الامر ادخلوا مع نون التوكيد الطاردة للشك وهذا ادعى لاستجابة مملكة النمل للامر الصادر من النملة . والنص عدل عن كلمة (لايكسرنكم ) الى (لايحطمنكم) لان كلمة يحطمنكم ابلغ في التحذير حيث ان الحطم هو الكسر المتناهي الفضيع ومن هذا سميت النار بالحطمة . هل تلاحظ معي دقة واختيار كلمات القرآن الكريم الذي هو فوق طاقة البشر .
(سليمان وجنوده) في هذا الاختيار هدف مزدوج الاول يرجع الى سيدنا سليمان عليه السلام حيث انه صار معروفا الى اصغر المخلوقات فضلا عن كبيرها وهذا ما دعى سيدنا سليما عليه السلام ان يشكر ربه .
والهدف الثاني راجع الى النملة حيث انها عرفت سليمان وهذا دليل اجتهادها بمعرفة من حولها .بل تعدى الامر الى معرفة الجنود
(وهم لايشعرون ) وهذا من الالفاظ الدقيقة في كتاب الله عزوجل حيث
يستعمل القرآن الكريم تعبير يعملون مقابل العقل ويشعرون مقابل الحواس
وهذا من دقة استعمالات الكتاب العزيز
تأمل قوله تعالى{الا انهم هم السفهاء ولكن لايعلمون} فالسفاهه امر مرجعه الى العقل وقوله تعالى {فاما الذي امنو فيعلمون انه الحق من ربهم } وقولة تعالى {اولا يعلمون أن الله يعلم مايسرون وما يعلنون وتامل قوله تعالى :
واتبعوا احسن مانزل اليكم من ربكم من قبل أن ياتيكم العذاب بغتة وانتم لاتشعرون )
وهذا اللفظ المبارك جاء ليؤدي عدة ادوار منها : نفي الظلم عن سيدنا سليمان وجنوده وتعليل الامر للرعية حتى يكونون على علم بالامر ليزدادوا طمئنينة وهنا لابد ان اسجل شيئا وهو ان كلمات القرآن تتعاون فيما بينها فكل كلمة تمد الاخرى وتقويها لابراز الحدث وهذا مالم نجده الا في كتاب الله عزوجل حيث كلمة ( مساكنكم ـــــ لايحطمنكم ـــــــ لايشعرون) تامل معي كيف ان التحطيم مسبوق بالسكينة ومختوم بعدم الشعور , فهذا الجيش مؤمن وطيب وغير عدائي فلو شعر بكم لتجنبكم فما عليكم الا ان تختبئوا لتسلموا .
والدور الاخر اثبات انها تعرف هذا الجيش حق المعرفة وتعرف اخلاقه وانها من احسن الاخلاق وهذا باعث للنمل على الطمئنينة والامتثال . بدليل معرفة قائده بالاسم (سليمان وجنوده)
والدور الاخر لهذا التعبير هو اثبات العدل والشفقة والرحمة لهذا الجيش الاسلامي المبارك حيث انه لايعتدي على نملة بغير حق فكيف ببني آدم الذي كرمه الله تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم ) وفيه اثبات فضيلة سيدنا سليمان عليه السلام .
وهذا له نظير في جيش حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال تعالى: ( وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَـٰتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ علم)
قال بعض العلماء هذه ألاية من عجائب القرآن لانها بلفظة :
" يا " نادت " أيها " نبَّهت " النمل " عيَّنت " ادخلوا " أمرت " مساكنكم " نصَّت " لا يحطمنكم " حذَّرت " سليمان " خصت " وجنوده " عمَّت " وهم لا يشعرون " اعتذرت،
الكاتب الشيخ جميل صالح حسن الدليمي
الموضوع وقفات مع النملة المعلمة والمربية للحكام والمحكومين
قال تعالى (حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ )
لتكون عملية التدبر مثمرة فلابد من اثبات بعض الحقائق
1- النمل أسم جنس واحده نملة والتاء تدل على الوحدة مثل تمر وتمرة وكلمة نملة لاتدل على التذكير والتأنيث والتاء في الفعل (قالت ) جائت مناسبة للتاء في كلمة نملة .
2- كلمة النمل مشتقة من الحركة مع دقة في الخلقة تقول تنملت اطرافي أي احسست بحركة وسمي النمام نماما لانه يتحرك بين طرفين بسرعة وسميت اطراف الاصابع أنامل لانها سريعة الحركة مع صغر في الحجم .
3- ان هذه النملة سواء كانت مذكر أو مؤنث يدل النص على انها ملكة بدليل أمرها (أدخلوا) ونهيها (لايحطمنكم )
ان هذه النملة تعلم الحكام أساليب الحكم ! والرعية الطاعة الواعية ! !!!
ولرب سائل يسئل هل تفصل لنا الامر ؟
فاقول مستعينا بالله سبحانه وتعالى :
تامل أخي الكريم في النص :لما جاء سيدنا سليمان عليه السلام وجنوده وكانت لهم هيبة وحشمة وعظمة وفخامة (حتى أذا أتواعلى وادي النمل ) فزعت الملكة ف(قالت )أى النملة صاحت حيث كان النمل مشغولا ! وتامل(ياايها) كيف ناسب القرآن بين مد النداء مع انشغال النمل وجاء بحرف النداء (يا) للبعيد ,حتى يدعك تتصور وتتملى المشهد وانت تشاهد نملة صغيرة مشفقة تصرخ بصوت عال ليصل الى ابعد نملة محذرة اياهم من جيش سليمان وجنوده.
وهذا درس للحكام ان لاينشغلوا عن امر الرعية . وخاصة عند الاخطار المفاجئة .ودرس اخر للحكام ان النملة
كانت متيقضة وتراقب مملكتها بدليل ما ان وصل الجيش اطراف مملكتها حتى نادت محذرة مملكتها .وقد حذرت كل المملكة دون تميز بين فقيرأوغني او ضعيف وقوي ...... بدليل ان كلمة النمل جائت معرفة اى كل النمل
تامل فعل الامر الصادر من الملكة او الملك (أدخلوا ) أين ندخل ياملكنا ويا سيدنا قالت ( مساكنكم ) . لم تدعهم في حيرة بل خصصت لهم اين يذهبون .
ومن لفظة ( مساكنكم ــــــــ النمل ) تنبيه للحكام عليهم ان يشيدوا بيوت ومساكن للرعية . ولفظة مساكن توحي انها ملاجيء للاختباء وقت الحروب فهي غير البيوت التي للراحة والنوم . لان استخدام السكن فيه دليل على الطمئنينة التامة .
واضافة السكن للنمل دليل على تمليكها لهم اى لم تقل ادخلوا مساكني كما تفعل الحكام الظلمة .
. وهنا اقول لكل ملك ان اردت من شعبك ان لايبيع وطنه فعليك ببناء مساكن لهم فمن لاسكن له لاوطن له .
ونلاحظ شفقة الملكة على رعيتها انها لم تكتفي باصدار الاوامر بل امرتهم بالاختفاء تحت الارض (لايحطمنكم ) والشعوب الاسلامية وخاصة العربية منها بحاجة ماسة الى شفقة الحكام وعطفهم .
والنملة تعرف سيدنا سليمان حق المعرفة وهي تملك تقارير مفصلة عنه وعن جنوده وعن طريقة حكمة ( لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون )
عرفت سليمان عليه السلام بالاسم وبرئته وجنوده من الظلم مع ان الجنود مظنة الظلم .
وهذا درس للحاكم ان يكون له عيون تراقب وتنقل الاخبار عما يدور حوله . وهذا مايسمى في عرفنا الاستخبرات العسكرية .
والملاحظ ان شعب النمل كان مطيعا للملك وهذا مستفاد من حذف جواب ألامر لما قالت النملة (أدخلوا ) اى فدخلوا مسرعين , فلو كانت هناك معصية لذكرها النص المقدس .
وهذا يدل دلالة واضحة على ان النمل يثق بقول الحاكم لما يتميز به من صدق وامانة وعدل ورحمة والشعوب بطبعها تكون منقادة لمن يحمل هذه الصفات .
ذكرت سيدنا سليمان عليه السلام بالاسم ليثق الشعب بكلامها حيث ان الاسم دليل المعرفة التامة .
والان نعرج الى بلاغة النص المبارك
(حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِى ٱلنَّمْلِ) قبل حتى كلمة محذوفة لان حتى وان كان يبتدأ بها الكلام ولكنها غاية لما قبلها (فهم يوزعون) اى من السير فيكون تقدير الكلام فساروا حتى أتوا وادي النمل وخذف كلمة ساروا لدلالة النص عليه وهذا أيجاز بالكلام ليدرب العقل على الفطنة والذكاء.وتعدى الفعل أتوا بحرف (على ) مع انه يتعدى بنفسه فتقول أتى زيد أو يتعدى بحرف الى فتقول اتيت الى زيد ولاتقول اتيت على زيد
فلماذا جاء الحرف (على ) ان مجيء هذا الحرف في غاية الدقة والروعة والجمال حيث يصور لنا مشهد سيدنا سليمان عليه السلام بحشمة الملك وعظمته وكثرة جنوده وعدتهم وعددهم بحيث لم يبقى من الارض شبرا الا وفيه قدم للجنود او مركباتهم ولو حذفت او بدلت هذا الحرف لاختفت هذه الصورة البيانية الرائعة وهذا دليل ان القرآن من عند الله سبحانه وتعالى .
(وادي النمل ) لقد اضيف الوادي للنمل لكثرته حتى يشعرنا بان مملكة النمل كبيرة جدا وكلها حركة ونشاط وهي أى المملكة محكومة بقوانين صارمة وتابعة لملك آمر وناهي.
(أدخلوا ) أمر وجوابه محذوف أي فدخلوا وهذا الحذف مقصود أى ان النمل كان في غاية الطاعة .
(مساكنكم ) التعبير بالمسكن من عجائب القرآن العظيم ,لم يقل ادخلوا بيوتكم
جاء التعبير بالمساكن ليتناسب مع حركة النمل المستمرة , فالامر خطير ويحتاج الى ايقاف الحركة وهذه الكلمة تصور لنا هذه المملكة العظيمة ذات الحركة السريعة وقد توقفت كليا عن الحركة بامر واحد صادر من الملكة , انه مشهد رائع !!!!!
وللكلمة ادوار اخرى منها ان للنمل بيوت وملاجيء المعبر عنها ب(مساكنكم) وهذا درس للحكام ان يبنوا ملاجيء لشعوبهم وقت الحرب .
وكلمة مساكن تبعث الطمئنينة في نفوس الرعية . وارجو ان تلاحظ اخي الحبيب روعة ودقة هذه الكلمة ووقعها على النفوس حيث ان الخطر الداهم يناسبه خطاب التطمين (أدخلوا مساكنكم )ولم تقل بيوتكم ,فكم من مسكن لاسكينة فيه .
كم عجيبة هذه الملكة وهي تطمئن شعبها في وقت الشدائد والاخطار .
(لايحطمنكم ) وفيه حذف أى خيل سليمان وجنوده ولاحظ اخي الكريم وجود حرف الطاءوهو للامتداد باستعلاء وهيمنة مع وجود الشدة وتطويل الكلمة كل هذا ليرسم لك المشهد وكانك تتامله وتعيش الحدث فالحرف يتناسب مع المشهد وهذا مطرد في كتاب الله سبحانه وتعالى . فالحروف والحركات والكلمات تتعاون فيما بينها لرسم المشهد حتى يكون حي تعيشه وتتملاه.
و لاحظ معي المد في هذا النص ( ماظن ان تبيد هذه ابدا ) سورة الكهف
فالحديث عن طول امل اهل الدنيا فجاء المد المناسب لهذا الطول اما في امر الاخرة فلامد بل جاء الكلام على وجه السرعة ليرسم لنا مشهد الغاغل عن امر الاخرة وفي هذا النص ( ادخلوا مساكنكم ـــــ لايحطمنكم ) قد خلا من المد حيث ان التحذير يحتاج الى الاختصار المناسب للحدث .وهذا التعبير (لايحطمنكم ) يحمل في طياته النهي وجواب الامر ادخلوا مع نون التوكيد الطاردة للشك وهذا ادعى لاستجابة مملكة النمل للامر الصادر من النملة . والنص عدل عن كلمة (لايكسرنكم ) الى (لايحطمنكم) لان كلمة يحطمنكم ابلغ في التحذير حيث ان الحطم هو الكسر المتناهي الفضيع ومن هذا سميت النار بالحطمة . هل تلاحظ معي دقة واختيار كلمات القرآن الكريم الذي هو فوق طاقة البشر .
(سليمان وجنوده) في هذا الاختيار هدف مزدوج الاول يرجع الى سيدنا سليمان عليه السلام حيث انه صار معروفا الى اصغر المخلوقات فضلا عن كبيرها وهذا ما دعى سيدنا سليما عليه السلام ان يشكر ربه .
والهدف الثاني راجع الى النملة حيث انها عرفت سليمان وهذا دليل اجتهادها بمعرفة من حولها .بل تعدى الامر الى معرفة الجنود
(وهم لايشعرون ) وهذا من الالفاظ الدقيقة في كتاب الله عزوجل حيث
يستعمل القرآن الكريم تعبير يعملون مقابل العقل ويشعرون مقابل الحواس
وهذا من دقة استعمالات الكتاب العزيز
تأمل قوله تعالى{الا انهم هم السفهاء ولكن لايعلمون} فالسفاهه امر مرجعه الى العقل وقوله تعالى {فاما الذي امنو فيعلمون انه الحق من ربهم } وقولة تعالى {اولا يعلمون أن الله يعلم مايسرون وما يعلنون وتامل قوله تعالى :
واتبعوا احسن مانزل اليكم من ربكم من قبل أن ياتيكم العذاب بغتة وانتم لاتشعرون )
وهذا اللفظ المبارك جاء ليؤدي عدة ادوار منها : نفي الظلم عن سيدنا سليمان وجنوده وتعليل الامر للرعية حتى يكونون على علم بالامر ليزدادوا طمئنينة وهنا لابد ان اسجل شيئا وهو ان كلمات القرآن تتعاون فيما بينها فكل كلمة تمد الاخرى وتقويها لابراز الحدث وهذا مالم نجده الا في كتاب الله عزوجل حيث كلمة ( مساكنكم ـــــ لايحطمنكم ـــــــ لايشعرون) تامل معي كيف ان التحطيم مسبوق بالسكينة ومختوم بعدم الشعور , فهذا الجيش مؤمن وطيب وغير عدائي فلو شعر بكم لتجنبكم فما عليكم الا ان تختبئوا لتسلموا .
والدور الاخر اثبات انها تعرف هذا الجيش حق المعرفة وتعرف اخلاقه وانها من احسن الاخلاق وهذا باعث للنمل على الطمئنينة والامتثال . بدليل معرفة قائده بالاسم (سليمان وجنوده)
والدور الاخر لهذا التعبير هو اثبات العدل والشفقة والرحمة لهذا الجيش الاسلامي المبارك حيث انه لايعتدي على نملة بغير حق فكيف ببني آدم الذي كرمه الله تعالى ( ولقد كرمنا بني آدم ) وفيه اثبات فضيلة سيدنا سليمان عليه السلام .
وهذا له نظير في جيش حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال تعالى: ( وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَـٰتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ علم)
قال بعض العلماء هذه ألاية من عجائب القرآن لانها بلفظة :
" يا " نادت " أيها " نبَّهت " النمل " عيَّنت " ادخلوا " أمرت " مساكنكم " نصَّت " لا يحطمنكم " حذَّرت " سليمان " خصت " وجنوده " عمَّت " وهم لا يشعرون " اعتذرت،