المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصه / الرهان أنطون بافلوفيتش تشيكوف


هشام زايد
24/10/2008, 04:15 AM
هذه قصة قصيرة قرأتها وأريد منكم أن تستمتعوا بها أيضا


الرهان

قصة مترجمة:
انطون تشيخوف
كانت أمسية خريفية معتمة. الصيرفي العجوز يخطو رواحا ومجيئا في حجرة المكتب. يفكر في دعوة أقيمت قبل خمس عشرة سنة. في تلك الدعوة اجتمع العديد من الرجال الموهوبين. تبادلوا أحاديث جادة ومهمة. في تلك الأحاديث ناقش الحاضرون عقوبة الموت.
كان من بين الضيوف بعض العلماء والصحفيون. العدد الأكبر منهم قد أصبح حزبياً يعارض عقوبة الموت، اعتبروا هذه الطريقة في العقاب قديمة وغير أخلاقية لا تناسب البلدان المسيحية. عدد كبير منهم أكد أن عقوبة الموت يجب أن تستبدل بعقوبة السجن مدى الحياة.
" لا استطيع مشاطرتكم آراءكم " قال المضيف. " إنني لم أجرب لا عقوبة الموت ولا السجن مدى الحياة، لكن كان باستطاعة المرء أن يحكم بشكل أولي، ويرى أن عقوبة الموت أكثر أخلاقية وإنسانية من السجن. الإعدام يقتل المحكوم مرّة واحدة وفورا، لكن السجن يقتله ببطء. أي جلاد هو أكثر إنسانية ذاك الذي يقتلكم خلال بضع دقائق أم الذي يسحب حياتكم من أجسادكم خلال سنوات عديدة؟ .
" كلتا الطريقتين متشابهتان لا أخلاقيا، " علق احد الضيوف. " لأنهما تصلان إلى الهدف نفسه، هو خطف حياة المرء. الحكومة ليست الخالق. ليس لها الحق إطلاقا أن تأخذ ما لا تستطيع إرجاعه إذا ما أرادت".
كان من بين الضيوف محامي شاب في الخامسة والعشرين. وحين طلب رأيه قال: " أنا مع الرأي بان الحكم بالموت أو السجن مدى الحياة كليهما خال من الأخلاق والإنسانية، لكن إذا طلب مني الاختيار بينهما، سأختار السجن. ما دامت هناك حياة فالاحتفاظ بها أفضل من فقدانها. " نقاش ساخن دار بين الضيوف. الصيرفي الذي كان في حينها أكثر شبابا وصرامة، ضرب بقبضة يده الطاولة وصرخ وهو يلتفت إلى المحامي الشاب: " هذا غير صحيح. أراهن بمليونين على انك لن تتحمل البقاء خمس سنوات في السجن".
" إذا كنت جادا في رهانك، أراهن أنني سأتحمل ليس خمس سنوات بل خمس عشرة سنة في السجن" قال المحامي.
" خمس عشرة سنة؟ رائع، " صرخ الصيرفي. " أيها السادة أنني أراهن بمليونين. "
" موافق. تضع أنت مليونين، وأنا أضع حريتي مقابل ذلك ."
والآن وصل ذلك الرهان الوحشي والذي لا معنى له إلى اللحظة الحاسمة. الصيرفي الذي كان حين الرهان لا يعرف كم من الملايين في حوزته، صار يشعر بالخزي والغباء. في وقتها كان مسلوب العقل مأخوذا بالرهان. وتحت تأثير السكر مزح مع المحامي قائلا: " فكر جيدا أيها الفتى قبل أن يصبح التراجع مستحيلا، بالنسبة لي فان المليونين مبلغ تافه، لكنك ستغامر بخسارة ثلاث أو أربع سنوات من أجمل سنوات عمرك. أقول ثلاث أو أربع لأنك لن تستطيع البقاء مدة ابعد من ذلك. لا تنسى أبدا اليأس والحزن اللذين سيرافقانك في السجن، فالحبس الاختياري أقسى بكثير من الإجباري. التفكير في كل لحظة أن لك الحق في التراجع والعودة إلى حريتك كفيل بان يسمم حياتك كلها. اعتقد بأنك تُذنب في حق نفسك. "
فكر الصيرفي في كل ذلك بينما كان يذرع مكتبه جيئة وذهابا، ليسال نفسه، ما الذي كسبته حقا من هذا الرهان؟ ما الذي استفدته من أن يخسر الشاب خمس عشرة سنة من عمره؟ ومن أن اخسر مليونين وكأنني القيهما في الشارع؟ هل سيوضح هذا الرهان للناس أن الحكم بالموت هو أسوأ أو أفضل من السجن مدى الحياة؟ بالتأكيد لا. إنها فقط حماقة وغباء لا معنى لهما من جهتي. كل ذلك كان فقط فكرة اقتحمت رأس رجل أصابه المال والتخمة. أما من جانبه فقد كان الطمع بكل بساطة .
أنكر الصيرفي على نفسه الذي حدث بعد تلك الليلة المشهودة. لقد تحقق أن المحامي سيقضي فترة أسره تحت حراسة شديدة. لا يغادر باب غرفته ولا يرى مخلوقا واحداً.لا يسمع صوتا لإنسان، لا يرى صحيفة أو رسالة. وسمح له بالحصول على آلة موسيقية وقراءة الكتب وكتابة الرسائل والتدخين وتناول النبيذ. وعلى أساس الاتفاق، لا تعود له أية صلة بهذا العالم الواسع، غير انه يستطيع النظر من خلال نافذة صغيرة أشبه بالكوة. كل الذي سيحتاجه من كتب وورق ونبيذ، يحصل عليها بطلب مكتوب وبالكمية التي يريد. لكن فقط من خلال النافذة. دُرس الاتفاق وقام بالتوقيع على كل التفاصيل التي من شانها فرض عزلة حقيقية كاملة. يلزم المحامي نفسه بان يبقى في عزلته تماما خمس عشرة سنة. تبدأ الساعة 12 من نهار 14 نوفمبر 1870 وتنتهي الساعة 12 من نهار 14 نوفمبر 1885 . وان أية محاولة وان كانت بسيطة من جانب المحامي في كسر شروط الاتفاق، حتى لو كانت هذه المحاولة قبل دقيقتين من نهاية المهلة، يحل الصيرفي نفسه من تنفيذ الاتفاق ودفع مبلغ المليونين.
خلال سنة حبسه الأولى، عانى المحامي بقدر ما يتخيل المرء ويحكم من خلال رسالته القصيرة من القسوة والعزلة والرتابة. وكانت تسمع من جناحه أنغام البيانو ليلا ونهارا وبشكل متواصل. لقد تخلى عن النبيذ والدخان وبدأ في الكتابة مشيرا إلى أن هذه الأشياء توقظ فيه الرغبة إلى الصحبة، والرغبة هي العدو الأسوأ للأسير. إذ لا يوجد أكثر إضجارا من أن يشرب المرء أجود أنواع النبيذ وحيدا دون صحبة ودون نديم. كذلك فان التبغ سيفسد هواء الغرفة. خلال هذه السنة اُرسلت إليه كتبا بسيطة ومسلية، بعض الروايات التي تتحدث عن الدسائس المعقدة التي يلعب فيها الجنس الدور الأهم، بعض القصص الخيالية والبوليسية والكوميدية.
خلال السنة الثانية صمتت الموسيقى، وقد عبر المحامي في إحدى رسائله عن رغبته في الموسيقى الكلاسيكية فقط.
في السنة الخامسة عادت الموسيقى لتُسمع من جديد، ورغب الأسير في بعض النبيذ. قال الذين تابعوه من خلال النافذة الصغيرة: " انه لم يمارس نشاطا خلال ذلك العام، سوى تناول الطعام والشراب والاستلقاء على سريره. غالبا ما كان يتثاءب ويتحدث مع نفسه بعصبية، لم يقرا. العديد من الكتب التي كانت معه بقيت في أماكنها. كان في بعض الليالي يجلس طويلا ويكتب، يكتب ويمزق حتى يأتي الصباح حيث يمزق البقية الباقية مما كتب إلى قطع صغيرة. ونادرا ما كان يُسمع بكاؤه."
في النصف الثاني من السنة السادسة بدا السجين يعمل بحماس في دراسة اللغات والفلسفة والتاريخ. أعطى كل اهتمامه لهذه العلوم، صار كالجمرة المتقدة وهو يتابع هذه الموضوعات إلى درجة كان الصيرفي بالكاد يستطيع توفير الكتب التي يطلبها.
خلال أربع سنوات وصله من المجلدات 600 مجلد بناء على رغبته. وفي الفترة نفسها، أرسل السجين إلى الصيرفي هذه الرسالة:
" سجاني العزيز..
اكتب إليك هذه السطور بست لغات. أرجو منك عرضها على أناس خبراء. واطلب منهم قراءتها. إذا لم يجدوا فيها أي خطأ. أرجو منك تحقيق رغبتي في إطلاق رصاصة واحدة في حديقة منزلك. هذه الرصاصة ستقول لي أن جهودي لم تذهب عبثا. عباقرة كل زمان ومكان يتحدثون لغات عديدة مختلفة. في كل هؤلاء تتقد الجمرة ذاتها، وتضيء الشعلة نفسها. لو علمتم أية سعادة مرعبة عايشت روحي لكي افهم هؤلاء. "
تحقق رجاء السجين حين أعطى الصيرفي أوامره بإطلاق رصاصتين في الحديقة.
بعد السنة العاشرة، كان السجين يجلس أمام طاولته هادئاً يقرأ النصوص المقدسة فقط. كان هذا الأمر يبدو غريبا بالنسبة للصيرفي. أن الرجل الذي استطاع قراءة 600 مجلد خلال أربع سنوات، يضيع حوالي سنتين في قراءة بعض كتب الفقراء البسيطة، وهي ليست بذاك السمك كما هي المجلدات. بعد الإنجيل جاء دور تاريخ الأديان وعلم اللاهوت .
خلال السنتين الأخيرتين عاد السجين ليقرأ من جديد دون تحديد وكيفما اتفق من علوم وموضوعات، ثم انشغل بالعلوم الأكاديمية، بعد ذلك أعرب عن رغبته في كتب ( بيرون وشيلر). أحيانا كان يكتب أثناء دراسته بعض الكتب الخاصة بالكيمياء والطب، يكتب رواية أو بحثا في الفلسفة أو اللاهوت. كان في وضعه ذاك كمن يسبح في بحر وسط حطام سفينة.
فكر الصيرفي بعد ذلك وتذكر أنه إذا وفي الساعة 12 نهارا سيستعيد السجين حريته. وبناء على الاتفاق يتوجب عليه أن يدفع مليونين. إذا حدث ذلك ستكون نهايتي، سيكون في ذلك دماري التام.
قبل خمس عشرة سنة، لم يكن يعرف كم من الملايين هي ثروته. اليوم يشعر بالرعب لمجرد التفكير في سؤال كهذا. اهو ثري بالأموال أم بالديون. لعبة البورصة الخطيرة، المضاربات المرهقة والتعب الذي لم يشعر به طيلة حياته، كما يشعر به في الوقت الراهن، كل ذلك يوشك أن يحطمه. لقد جعل ذلك أعماله تتحول من أسوأ إلى الأسوأ تدريجيا. أما رباطة الجأش والأمان النفسي والثقة ورأس المال الهائل، كلها فقد حولته إلى مصرفي يرتعد خوفا عند كل صعود وهبوط. " ماذا اشجب، ومن أدين؟ ".
لماذا لا يموت هذا الرجل؟ لقد أصبح في الأربعين. سيأخذ مني آخر فلس املكه. سيتزوج ويضارب في البورصة وسيستمتع بحياته. وأنا سأشاهد ما يحدث، وأنظر إليه نظرة حسد وكأنني متسول، وفي كل يوم سيُسمعني الجملة نفسها: " أود أن اعبر لكم عن شكري على ما وفرتموه لحياتي من سعادة، اسمحوا لي أن أقدم لكم بعض المساعدة!"
لا... إن ذلك لا يمكن أن يحدث. إن خلاصي الوحيد وابتعادي عن الإفلاس والخراب والخزي هو في موت هذا الرجل.

هشام زايد
24/10/2008, 04:16 AM
وهذه هي تكملة القصة :

الساعة تدق معلنة الثالثة صباحا. أصغى الصيرفي. جميع من في المنزل نيام. لا يُسمع سوى صفير الريح وهي تصفع الأشجار المتجمدة يأتي من خلال النافذة. في هذا الوضع حاول العجوز أن يتحرك من دون أن يُحدث أي صوت.سحب مفتاح خزانة السلاح التي لم تُفتح منذ خمس عشرة سنة. ارتدى معطفه وتوجه إلى خارج الغرفة. في الحديقة كان الجو معتما، وكان المطر يثير ضجة فيما تصفر عاصفة متوحشة بين الأشجار لا تتركها هادئة. أجهد الصيرفي نفسه ليرى. لا يمكن للمرء في هذا الطقس أن يرى الأشجار ولا الأرض ولا تلك التماثيل البيض. حين اقترب من المكان الذي يقبع فيه جناح السجن صرخ مرتين مناديا الحارس دون أن يأتيه رد. من الواضح أن الحارس كان يبحث عن مكان يحتمي به من العاصفة، وهو نائم الآن في مكان ما في المطبخ أو المخزن.
فكر الصيرفي: " لو تشجعت قليلا ونفذت فكرتي، فان الشكوك ستُثار حول الحارس أولا. " تحسس طريقه في العتمة باتجاه السلم ثم الباب ودخل الردهة.بعد ذلك تلمّس طريقه إلى ممر ضيق. أشعل عود ثقاب. هناك سرير وحيد من دون أغطية، وفي إحدى الزوايا لمح موقدا. الختم على الباب المؤدي إلى غرفة السجين مازال على حاله. حين أنطفأ عود الثقاب، نظر العجوز بحركة لا إرادية خلال الفتحة الصغيرة إلى غرفة السجين. بصيص شمعة باهت ينير المكان، السجين يجلس أمام طاولته، لا يرى منه سوى ظهره وشعره وذراعيه. نقر الصيرفي بإصبعه على زجاج الفتحة، لم يجب السجين ولم يبد أي حراك. هنا رفع الصيرفي الختم عن الباب باحتراس شديد، وضع المفتاح في فتحة القفل، اصدر المفتاح صوتا مبحوحا باحتكاكه مع المغلاق الصدئ، وصرّت الباب. انتظر الصيرفي متوقعا أن يسمع فورا استغاثة أو صراخا مفاجئا. لكن ثلاث دقائق مرت استمر خلالها وبعدها الهدوء داخل الغرفة. لذلك قرر الدخول. عند الطاولة ثمة شخص كان يجلس دون حراك. كان يبدو مختلفا عن الآخرين تماما. كان أشبه بهيكل عظمي تحت غطاء من الجلد بشعر نسائي مجعد ولحية ملبدة. البشرة كانت صفراء كالشمع مع ظلال خضراء داكنة، الوجنتان غائرتان، الظهر نحيف وطويل واليد التي تسند الرأس كثيف الشعر كانت بمنتهى الدقة والنحافة. كان مجرد النظر إليها يثير الرعب. في شعره لمعت خيوط فضية. أمام منظر الوجه المتهاوي، لا يمكن لأحد أن يصدق أن صاحبه في الأربعين من عمره. كان نائما وقد استلقت أمامه على الطاولة رسالة هي آخر ما كتبه بخط يده. ما الذي كتبه بهذا الخط المتعرج وهذه الحروف المتهالكة؟ مسكين أيها الرجل،فكر الصيرفي. انه ينام على الأرجح ويحلم بملايينه. لكنني لن احتاج إلى أكثر من سحب هذا المخلوق نصف الميت وإلقائه على السرير وقطع أنفاسه بسهولة بواسطة وسادة، دون أن يستطيع أعظم المحققين قدرة على أن يكتشف أثرا لأي عنف أو مقاومة في عملية القتل، لكن قبل ذلك لأرى ما كتب في رسالته:
" في الغد وفي الساعة الثانية عشرة ستعود لي حريتي وحقي في العيش بين الناس، لكن قبل أن اترك هذه الغرفة وار الشمس، اعتقد من الضروري أن أقول بضع كلمات بضمير نظيف وأمام الله الذي يراني، أقول بأنني احتقر الحرية والحياة والصحة وكل شيء في كتبكم يدعى سعادة الحياة وفرحها. خلال خمس عشرة سنة درست الحقوق بنشاط ومثابرة، ودخلت الحياة الحقوقية، لم أرى في الواقع لا الناس ولا الأرض، لكن في كتبكم شربت نبيذا متبّلا، أنشدت الأغاني، طاردت الأيائل في الغابة لاصطيادها وعشقت نساء كالفراشات كوّنتها الخيالات الشعرية لشعرائكم، زرنني في الليالي وهمسن لي بقصص رائعة فَتنتْ أثملت قلبي. في كتبكم تسلقت القمم في أعالي ايلباروس ومونت بلانكس، ومن هناك شاهدت شروق الشمس وولادة الصباحات وكيف ينسحب الليل من السماء، من المحيطات وقمم الجبال، مع الذهب والأرجوان رأيت كيف تتجزّأ الغيوم وكيف تكذب البروق. رأيت الغابات الخضر، السهول والأنهار،البحار، المدن، وسمعت غناء جنيات البحر وترانيم نايات الرعاة، ولمست أجنحة الجنّ الشفافة التي كانت تجئ طائرة اليّ في غرفتي، لتحدثني عن الله. في كتبكم اندفعت ساقطا في هاوية بلا قرار. في كتبكم أبدعت الهاوية ، ارتكبت الجرائم، أحرقت المدن، قدمت المواعظ لأفكار جديدة واقتحمت الممالك.
كتبكم وهبتي الحكمة. وكل الأفكار الإنسانية التي لا تكل والتي تكونت عبر قرون اجتمعت مع بعضها في تلك الكتلة الصغيرة داخل رأسي. أنا اعلم إنني أكثر حكمة وأوسع عقلا منكم جميعا. أنا احتقر كتبكم واحتقر كل مسرّات العالم وحكمته. كل شيء لا قيمة له، إلى زوال، شفاف وفاضح، مخادع مثل سراب. ما معنى ذلك؟ إذا كنا حكماء فخورين وجميلين، فان الموت سيكنسنا جميعا من الأرض بنفس الطريقة تماما كفئران الأقبية، وسيأخذ معه سلالاتنا وتاريخنا. تلك العبقرية الخالدة ستحترق أو ستتجمد في ذات الوقت مع الأرض.
لقد فقدتم عقولكم ولم تسيروا في الطريق الصحيح. الكذب أخذكم من الحقيقة، والقبح من الجمال، ستنذهلون إذا ما بدأت الضفادع والأفاعي تنمو في أشجار البرتقال والتفاح، أو إذا ما بدأت الزهور تنفث رائحة خيول متعرقة.وبالطريقة نفسها سأكون مذهلاً أنا معكم. أتمنى أن لا أفهمكم. ولإظهار احتقاري لأسلوب حياتكم، أتنازل عن المليونين اللذين حلمت بهما يوما ما وكأنهما الفردوس، احتقرهما الآن. ولكي افقد الحق في الحصول عليهما، سأغادر هذا المكان قبل خمس ساعات من الوقت الذي تم الاتفاق عليه. وبهذه الطريقة سأخرق الاتفاق."
حين أكمل الصيرفي قراءة الرسالة، قبلَ جبين الرجل السجين وأجهش في البكاء منطلقا خارج الغرفة، وقد فقد رغبته تماما في المال وفي البورصات بالذات، وفهم إن مثل هذا الاحتقار يجب بان يُوجه إليه شخصيا. حينها وصل بيته وتمدد في فراشه، لكن الأفكار المتضاربة التي تجمّعت في رأسه، وكذلك الدموع في عينيه منعته من النوم.
في الصباح جاء الحارس راكضا وقد غطى الشحوب وجهه تماما، وبدا يتحدّث ويصف كيف إنهم شاهدوا السجين يزحف خارجا من خلال الكوة الصغيرة إلى الحديقة، ثم إلى الشارع وقد اختفى تماما.
توجه الصيرفي برفقة الخدم إلى الجناح، ولكي يقطع أي كلام في موضوع السجين تناول رسالة التنازل وعاد إلى البيت ليودعها خزانته المقاومة للحريق.


أتمنى أن تعجبكم

MELODY2009
27/10/2008, 07:29 PM
مشكورررررررررر

tiger2000
31/10/2008, 07:02 PM
مشكور يا غالي

هشام زايد
2/11/2008, 12:00 AM
شاكر مروركم حضارتكم العطر

alimahmed
2/11/2008, 09:01 PM
مشكوررررررررررررر يا غالى

الكنج ميدو
7/7/2011, 09:26 AM
بارك الله فيك اخى العزيز