المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنويمة الجياع - لمحمد مهدي الجواهري


القناص
13/9/2008, 04:18 PM
http://www.khayma.com/salehz***dneh/poets/jawahiri/jawahri.jpg

تنويمة الجياع - لمحمد مهدي الجواهري

نامي جياعَ الشَّعْـبِ نامي حَرَسَتْكِ آلِهـة ُالطَّعـامِ

نامي فـإنْ لم تشبَعِـي مِنْ يَقْظـةٍ فمِنَ المنـامِ

نامي على زُبَدِ الوعـود يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ

نامي تَزُرْكِ عرائسُ الأحلامِ فـي جُـنْحِ الظـلامِ

تَتَنَوَّري قُـرْصَ الرغيـفِ كَـدَوْرةِ البدرِ التمـامِ

وَتَرَيْ زرائِبَكِ الفِسـاحَ مُبَلَّطَـاتٍ بالرُّخَــامِ



نامي تَصِحّي! نِعْمَ نَـوْمُ المرءِ في الكُـرَبِ الجِسَامِ

نامي على حُمَةِ القَـنَـا نامي على حَـدِّ الحُسَـام

نامي إلى يَــوْمِ النشورِ ويـومَ يُـؤْذََنُ بالقِيَـامِ

نامـي على المستنقعـاتِ تَمُوجُ باللُّجَج ِ الطَّوامِي

زَخَّارة ً بـشذا الأقَـاحِ يَمدُّهُ نَفْـحُ الخُـزَامِ

نامي على نَغَمِ البَعُوضِ كـأنَّـهُ سَجْعُ الحَمَامِ

نامي على هذي الطبيعةِِ لم تُحَـلَّ بـه "ميامي "

نامي فقد أضفى "العَرَاءُ" عليكِ أثوابَ الغـرامِ

نامي على حُلُمِ الحواصدِ عـاريـاتٍ للحِـزَامِ

متراقِصَـاتٍ والسِّيَـاط ُ تَجِـدُّ عَزْفَـاً ﺑﭑرْتِزَامِ

وتغازلـي والنَّاعِمَـات الزاحفاتِ من الهـوامِ

نامي على مَهْدِ الأذى وتوسَّدِي خَـدَّ الرَّغَامِ

وﭐستفرِشِي صُمَّ الحَصَى وَتَلَحَّفي ظُلَـلَ الغَمَامِ

نامي فقـد أنـهى " مُجِيـعُ الشَّعْـبِ " أيَّـامَ الصِّيَـامِ

نامي فقـد غنَّـى " إلـهُ الحَـرْبِ" ألْـحَانَ السَّـلامِ



نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي الفَجْـرُ آذَنَ ﺑﭑنْصِرامِ

والشمسُ لنْ تُؤذيكِ بَعْدُ بما تَوَهَّـج من ضِـرَامِ

والنورُ لَنْ "يُعْمِي!" جُفوناً قد جُبِلْنَ على الظلامِ

نامي كعهدِكِ بالكَرَى وبلُطْفِهِ من عَهْدِ "حَامِ"

نامي.. غَدٌ يسقيكِ من عَسَـلٍ وخَمْـرٍ ألْفَ جَـامِ

أجرَ الذليلِ وبردَ أفئدةٍ إلى العليـا ظَـوَامِي

نامي وسيري في منامِكِ ما استطعتِ إلى الأمامِ

نامي على تلك العِظَاتِ الغُرِّ من ذاك الإمامِ

يُوصِيكِ أن لا تطعمي من مالِ رَبِّكِ في حُطَامِ

يُوصِيكِ أنْ تَدَعي المباهِـجَ واللذائـذَ لِلئـامِ

وتُعَوِّضِي عن كلِّ ذلكَ بالسجـودِ وبالقيـامِ

نامي على الخُطَبِ الطِّوَالِ من الغطارفةِ العِظَامِ

نامي يُسَاقَطْ رِزْقُكِ الموعـودُ فوقَـكِ ﺑﭑنتظـامِ

نامي على تلكَ المباهجِ لم تَدَعْ سَهْمَاً لِرَامِي

لم تُبْقِ من "نُقلٍ" يسرُّكِ لم تَجِئْهُ .. ومن إدَامِ

بَنَتِ البيوتَ وَفَجَّرَتْ جُرْدَ الصحارى والموامي

نامي تَطُفْ حُورُ الجِنَانِ عليـكِ منها بالمُدَامِ

نامي على البَرَصِ المُبَيَّضِ من سوادِكِ والجُـذَامِ

نامي فكَفُّ اللهِ تغسـلُ عنكِ أدرانَ السَّقَـامِ

نامي فحِـرْزُ المؤمنينَ يَذُبُّ عنكِ على الدَّوَامِ

نامي فما الدُّنيا سوى "جسرٍ!" على نَكَـدٍ مُقَـامِ



نامي ولا تتجادلـي القولُ ما قالتْ "حَذَامِ"

نامي على المجدِ القديـمِ وفوقَ كومٍ من عِظَامِ‏

تيهي بأشباهِ العصامِيّينَ! منكِ على "عِصَـامِ"

الرافعينَ الهَامَ من جُثَثٍ فََرَشْـتِ لَهُمْ وهَامِ

والواحمينَ ومن دمائِكِ يرتوي شَرَهُ الوِحَامِ

نامي فنومُكِ خَيْرُ ما حَمَلَ المُؤَرِّخُ من وِسَامِ



نامي جياعَ الشعبِ نامي بُرِّئْتِ من عَيْبٍ وذَامِ

نامي فإنَّ الوحدةَ العصماءَ تطلُـبُ أنْ تنـامي

نامي جِيَاعَ الشَّعْبِ نامي النومُ مِـن نِعَمِ السلام

تتوحَّدُ الأحزابُ فيـه ويُتَّقَى خَطَرُ الصِـدامِ

تَهْدَا الجموعُ بهِ وتَستغني الصُّفوفُ عَنِ ﭐنقسـامِ

إنَّ الحماقـةَ أنْ تَشُقِّـي بالنُهوضِ عصا الوئـامِ

والطَّيْشُ أن لا تَلْـجَئِي مِن حاكِمِيكِ إلى احتكامِ

النفسُ كالفَرَسِ الجَمُوحِ وعَقْلُها مثلُ اللجـامِ

نامي فإنَّ صلاحَ أمرٍ فاسـدٍ في أن تنـامي

والعُرْوَةُ الوثقى إذا استيقَظْـتِ تُـؤذِنُ بانفصـام

نامي وإلا فالصُّفوفُ تَؤُول منكِ إلى ﭐنقِسـامِ

نامي فنومُكِ فِتْنَـة ٌ إيقاظُها شـرُّ الأثامِ

هل غيرُ أنْ تَتَيَقَّظِـي فتُعَاوِدِي كَرَّ الخِصـامِ



نامي جياعَ الشعبِ نامي لا تقطعي رِزْقَ الأنامِ

لا تقطعي رزقَ المُتَاجِرِ ، والمُهَنْدِسِ ، والمُحَـامِي

نامي تُرِيحِي الحاكمينَ من ﭐشتباكٍ والتحَـامِ

نامي تُوَقَّ بكِ الصَّحَافَةُ من شُكُـوكٍ واتِّهَـامِ

يَحْمَدْ لكِ القانـونُ صُنْعَ مُطَـاوِعٍ سَلِـسِ الخُطَامِ

خَلِّ "الهُمَامَ!" بنومِكِ يَتَّقِي شَـرَّ الهُمَـامِ

وتَجَنَّبِي الشُّبُهَـاتِ في وَعْـيٍ سَيُوصَـمُ ﺑﭑجْتِـرَامِ



نامي فجِلْدُكِ لا يُطِيقُ إذا صَحَا وَقْعَ السِّهَامِ

نامي وخَلِّي الناهضينَ لوحدِهِمْ هَدَفَ الرَّوَامِي

نامي وخَلِّي اللائمينَ فما يُضِيرُكِ أن تُلامِي!

نامي فجدرانُ السُّجُونِ تَعِـجُّ بالموتِ الزُّؤَامِ

ولأنتِ أحوجُ بعدَ أتعـابِ الرُّضُـوخِ إلى جِمَـامِ

نامي يُـرَحْ بمنامِـكِ "الزُّعَمَـاءُ!" من داءِ عُقَـام

نامي فحقُّكِ لن يَضِيعَ ولستِ غُفْلاً كالسَّوَامِ

إن "الرُّعَاةَ!" الساهرينَ سيمنعونَكِ أنْ تُضَامِي



نامي على جَـوْرٍ كما حُمِلَ الرَّضِيعُ على الفِطَامِ

وَقَعي على البلوى كما وَقَعَ "الحُسامُ!" على الحُسامِ

نامي علـى جَيْـشٍ مِنَ الآلامِ محتشـدٍ لُهَـامِ

أعطي القيادةَ للقضاءِ وحَكِّمِيـهِ في الزِّمَـامِ

واستسلمي للحادثاتِ المشفقـاتِ على النِّيَـامِ

إنَّ التيقظَ - لو علمتِ- طليعـةُ المـوتِ الزؤامِ

والوَعْيُ سَيْفٌ يُبْتَلَى يومَ التَّقَـارُعِ ﺑﭑنْثِلامِ



نامي شَذَاةَ الطُّهْرِ نامي يا دُرَّةً بيـنَ الرُّكَـامِ

يا نبتةَ البلـوى ويا ورداً ترعرعَ في ﭐهتضامِ

يا حُرَّةً لم تَـدْرِ ما معنى ﭐضطغانٍ وانتقامِ!

يا شُعْلَةَ النُّـورِ التي تُعْشِي العُيُونَ بلا اضطرامِ!

سُبحانَ رَبِّكِ صُورةً تزهو على الصُّوَرِ الوِسَامِ

إذْ تَخْتَفِينَ بلا اهتمامٍ أو تُسْفِرينَ بلا لِثَـامِ

إذْ تَحْمِلِينَ الشـرَّ صابـرةً مِنَ الهُـوجِ الطَّغـامِ

بُوركْتِ من "شَفْعٍ " فإنْ نزلَ البلاءُ فمن "تُؤَامِ"

كم تصمُدِينَ على العِتَابِ وتَسْخَرينَ مـن الملامِ!

سُبحانَ ربِّكِ صورةً هي والخطوبُ على انسجامِ



نامي جياعَ الشعبِ نامي النومُ أَرْعَى للذِّمَامِ

والنومُ أَدْعَى للنُزُولِ على السَّكِينَةِ والنِّظَامِ

نامي فإنَّكِ في الشَّدائدِ تَخْلُصِينَ من الزِّحَامِ

نامي جياعَ الشَّعْبِ لا تُعْنَيْ بِسَقْطٍ من كلامي

نامي فما كانَ القَصِيدُ سوى خُرَيْزٍ في نظامِ

نامي فقد حُبَّ العَمَاءُ عَنِ المساوىء والتَّعَامِي

نامي فبئسَ مَطَامِـعُ الواعِيـنَ! من سَيْـفٍ كَهَـامِ

نامي: إليـكِ تحيّتِي وعليكِ، نائمةً سـلامي



نامي جياعَ الشَّعْبِ نامي حَرَسَتْكِ آلهةُ الطعامِ

-----------------

* نشرت في جريدة "الأوقات البغدادية" ، العدد 28 ، في 28 آذار 1951 .

هشام زايد
13/9/2008, 09:36 PM
بااااااااااااااااااارك الله لك

alimahmed
15/9/2008, 01:58 AM
مشكوررر يا غالى