المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشركات التجارية


مدحت مرعبي
23/2/2008, 07:11 PM
إن مزاولة التجارة ليست حكراً على التجار الأفراد, بل هي تمارس أيضاً من قبل جماعات من الأشخاص في شكل نظام قانـوني هو الشركـة التجاريـة.
والشركات التجاريـة, وإن كانت أقلّ عدداً من التجّار الأفـراد, إلا أنـها تضـم معظم المشاريع التجارية والماليـة والصنـاعيـة الكبرى التي تتطلّب جمع جهود ورساميـل طائلة, ما يعجز الفرد عن تحقيقـه بمـفرده.
ولقد وُجدت الشركات التجارية في كلّ الأزمنة ولدى كلّ الشعوب المتمدنة, بيد أنه لا سبيل للمقارنة بين تلك التي وُجدت في العصور القديمة وتلك القائمة حالياً, خصوصاً بعد ظهور الشركة المساهمة (في القرن التاسع عشر) والشركة المحدودة المسؤولية (في القرن العشرين).
والقانون اللبناني خصص لعقد الشركة (المدنية والتجارية) فصلاً هاماً من قانون الموجبات والعقود؛ أما القواعد الخاصة المتعلقة بالشركات التجارية دون سواها, فموطنها القانون التجاري اللبناني.
هنا تعريف بأنواع الشركات التجارية وأهم أحكامها.

ما هي الشركة؟

الشركة بصورة عامة هي عقد متبادل يشترك بمقتضاه شخصان أو أكثر بشيء ما بقصد إقتسام ما ينتج عنه من ربح أو خسارة, بمعنى أن يقدّم الشركاء حصصاً في الشركة, ويتعاونون معاً في سبيل تحقيق غرض هذه الشركة وإقتسام الأرباح والخسائر الناجمة عن أعمالها. مع الإشارة الى أن عدد الشركاء لا يجوز أن يقل عن إثنين, ما عدا في الشركة المساهمة والشركة المحدودة المسؤولية حيث الحد الأدنى هو ثلاثة.
وإضافة الى كونها عقوداً, تؤلف الشركة مجموعة متجانسة تتمتع بشخصية معنوية متمايزة عن شخصية الشركاء فيها, وبالتالي, تكون لها ذمة مالية مستقلة وأهلية وإسم وجنسية ومركز خاص بها.
أورد القانون اللبناني ستة أنواع من الشركات التجارية هي: شركة التضامن, شركة التوصية البسيطة, شركة المحاصصة, الشركة المساهمة, شركة التوصية المساهمة والشركة المحدودة المسؤولية. وهذه الأنواع وردت في القانون على سبيل الحصر وتتعلّق بالنظام العام, فإذا تألفت شركة تجارية في غير أحد هذه الأشكال القانونية, كانت باطلة. أما إذا تكوّنت الشركة بين بضعة أشخاص بدون تحديد لشكلها, فتُعتبر شركة تضامن, لأن التضامن هو القاعدة في المواد التجارية.
والعلة في إلزام الشركة باختيار أحد هذه الأشكال دون سواها هي حماية الجمهور والدائنين, إذ أن لكل نوع من الشركات قواعد خاصة, ويكفي معرفة نوع الشركة حتى يستطيع كلّ مَن يتعامل معها أن يعرف الأحكام السارية عليها ومدى مسؤولية الشركاء فيها, من دون حاجة للإطلاع على عقد تأسيسها.
ويمكن رد هذه الأنواع الستة من الشركات التجارية, تبعاً لدرجة الرابطة القائمة بين الشركاء, الى قسمين رئيسيين هما: شركات الأشخاص وشركات الأموال.

شركات الأشخاص

تتألف شركات الأشخاص أساساً بين أشخاص يعرفون بعضهم بعضاً ويتعاقدون بمراعاة أشخاص الشركاء وصفاتهم الذاتية. وتسمى هذه الشركات أيضاً “شركات الحصص”, كون الشركاء فيها يقدمون حصصاً في رأس المال تقابلها حصص في الأرباح. ولمّا كانت هذه الشركات تقوم على الإعتبار الشخصي, أي على الثقة التي يضعها كل شريك في شخص شريكه, فإنه تترتب على ذلك النتائج الآتية:
* إن الغلط الواقع في شخص الشريك ينبني عليه بطلان عقد الشركة بطلاناً نسبياً.
ـ إنه لا يجوز للشريك أن يتصرّف في حصته من غير رضى باقي الشركاء.
* إن الشركة تنتهي مبدئياً بوفاة أحد الشركاء أو بالحجر عليه أو بإفلاسه.
وتشمل شركات الأشخاص شركة التضامن, شركة التوصية البسيطة وشركة المحاصّة. ووفقاً للرأي الراجح في الفقه, تلحق بها الشركة المحدودة المسؤولية.

* شركة التضامن (societé en nom collectif )

هي الشركة التي يكون فيها كل شريك, ويُسمّى “شريكاً متضامناً”, مسؤولاً مسؤولية تضامنية وغير محدودة عن ديون الشركة, لا في حدود حصته فحسب, بل في أمواله الخاصة كذلك؛ كما يكتسب كلّ شريك فيها صفة التاجر. والتضامن قائم بين الشركاء من جهة, وبينهم وبين الشركة من جهة أخرى.
ولشركة التضامن عنوان (اسم) يميزها عن غيرها وتُوقّع به التعهدات الحاصلة باسم الشركة, يتألف من أسماء الشركاء جميعاً, أو من إسم أحدهم أو بعضهم, مع إضافة كلمة “وشركاؤه” أو “وشركاؤهم”.
تنشأ هذه الشركة عادة بين أشخاص تجمعهم صلة القرابة أو الصداقة, نظراً للثقة القائمة بينهم, وهي تناسب المشاريع الصغيرة التي لا تحتاج الى رساميل كبيرة, مع التعويض عن عدم كفاية رأس المال لضمان حقوق الدائنين بالضمان التضامني بين الشركاء ومسؤوليتهم غير المحدودة على أموالهم الخاصة.

* شركة التوصية البسيطة (societé en commandité simple)

تتألف من فئتين من الشركاء: أولاهما فئة الشركاء المتضامنين أو المفوضين, وهم مسؤولون مسؤولية شخصية تضامنية وغير محدودة عن ديون الشركة, ويكتسبون صفة التاجر (كما في شركة التضامن), ويحق لهم دون سواهم القيام بإدارة الشركة؛ وثانيهما, فئة الشركاء الموصين الذين يقدّمون المال ولا يُسألون عن ديون الشركة إلا في حدود الحصص التي قدّمها كل منهم, ولا يكتسبون صفة التاجر, ولا حق لهم في إدارة الشركة. أما عنوان الشركة (إسمها), فلا يشتمل إلا على إسم واحد أو أكثر من الشركاء المتضامنين, مع إضافة عبارة “وشريكه” أو “وشركاؤه”.
هذا النوع من الشركات يلائم التجّار والصناعيين ذوي الخبرة الفنية الذين ينقصهم الرأسمال الكافي لتنفيذ مشاريعهم وتسيير أعمالهم.

* شركة المحاصصة (societé en participation)

هي شركة مستترة بطبيعتها, لا تخضع للنشر, ولا تتمتع بالشخصية المعنوية (على خلاف باقي الشركات التجارية), تنعقد بين شخصين أو أكثر لاقتسام الأرباح والخسائر الناشئة عن عمل تجاري واحد أو أكثر يقوم به أحد الشركاء بإسمه الخاص؛ كأن يتفق شخصان على أن يرسل أحدهما بضاعة فيصرّفها الآخر ويتقاسمان الأرباح, أو كأن يتفق مهندس معماري مع مقاول على تشييد المباني واقتسام ما قد ينشأ عن ذلك من ربح أو خسارة... الخ. والمميز في هذه الشركة أنه لا وجود لها بالنسبة الى الغير, إنما تقتصر آثارها على أطرافها فحسب. بعبارة أخرى, لا يتعامل الغير مع الشركة, إنما مع الشركاء أنفسهم, وبإسمهم الخاص. والشريك الذي يتعامل مع الغير يكون وحده مسؤولاً تجاههم. أما الشركاء, فلهم مطلق الحرية في تنظيم العلاقات القائمة بينهم وتحديد كيفية إقتسام الأرباح والخسائر, شرط ألا يُعفى أي منهم كلياً من المساهمة في الخسائر, أو يُحرم كلياً من الأرباح.
ومن آثار عدم تمتع هذه الشركة بالشخصية المعنوية أنها لا تملك رأس مال (بالرغم من أن كل شريك فيها يشارك عبر تقديم مقدماته النقدية أو العينية أو مقدمات العمل), ولا تتمتع بأهلية الأداء, وليس لها إسم, مركز أو جنسية.
هذه الشركة تلائم الشريك الذي يرغب في الإستثمار وإخفاء إسمه عن الجمهور.

* الشركة المحدودة المسؤولية (ش.م.م.) *societé à responsabilité limitée
تتألف هذه الشركة من أشخاص لا يكتسبون صفة التاجر ولا يسألون عن ديون الشركة إلا بمقدار حصصهم في رأس المال, وقد حدد القانون الحد الأدنى لرأس مال هذه الشركة بخمسة ملايين ليرة لبنانية, ولا يجوز للشركاء فيها أن يتنازلوا عن حصصهم الى الغير بحرية, إنما ضمن شروط محددة قانوناً. وقد أجاز القانون للشركة المحدودة المسؤولية الخيار بين أن تتخذ إسماً خاصاً لها مستمداً من موضوع نشاطها, أو أن تتخذ عنواناً يتضمن إسم شريك أو أكثر, لكن شرط ذكر عبارة “شركة محدودة المسؤولية”.

شركات الأموال

لا تقوم هذه الشركات على الإعتبار الشخصي, بل على الإعتبار المالي؛ فلا يُعتدُّ فيها بشخصية الشريك بصفة رئيسية, بل العبرة فيها بما يقدّمه كل شريك من مال.
يترتب على ذلك النتائج الآتية:
* إن الغلط في شخص الشريك لا يعتبر غلطاً جوهرياً يُبطل عقد الشركة.
* إنه يجوز للشريك التصرف في حصته بدون حاجة الى موافقة باقي الشركاء.
* إن إفلاس أحد الشركاء أو الحجر عليه أو وفاته لا يؤدي الى حل الشركة.
فالشركاء إذن قد يتغيرون ولكن الأموال تبقى ثابتة لا تتغير, وهذا هو الإعتبار الأهم في هذه الشركات. وتعرف حصص الشركاء في رأس المال بـ”الأسهم”, والشركاء بـ”المساهمين”, والشركة بـ”شركة الأسهم”.
وتشمل شركات الأموال الشركة المساهمة, (أهم أنواع الشركات على الإطلاق), وشركة التوصية المساهمة.


* الشركة المساهمة أو الشركة المغفلة (ش.م.ل.) societé annonyme libanaise S.A.L
هي الشركة التي يُقسم رأس مالها الى أسهم متساوية القيمة, قابلة للتداول وتنتقل الى الورثة بالوفاة. أما الشركاء فيها, فلا يُسألون عن ديونها إلا بقدر عدد الأسهم التي يمتلكونها, بمعنى أنه لا يمكن للدائنين ملاحقتهم على أموالهم الخاصة. وقد حدد القانون الحد الأدنى لرأس مالها بثلاثين مليون ليرة لبنانية.
لا تُعَنوَن الشركة المساهمة بإسم الشركاء أو أحدهم كما في شركة التضامن, إنما يكون لها اسم مستمد من موضوع نشاطها. تُناسب هذه الشركة المشاريع الضخمة التي تتطلب جمع رؤوس أموال طائلة, كما أن حياتها أكثر إستقراراً من الشركات الأخرى, ما يُلائم المشاريع المستمرة.
هنا لا بد من المرور سريعاً على الأحكام الخاصة بشركتي الأوف شور والهولدنغ, وهما شركتان مغفلتان من نوع خاص.


* شركة “الأوف شور” (OFF SHORE)


هي شركة مساهمة لبنانية تتعاطى على سبيل الحصر النشاطات التالية:
* التفاوض وتوقيع العقود والإتفاقات المتعلقة بعمليات وصفقات يجري تنفيذها خارج الأراضي اللبنانية وتعود لبضائع ومواد موجودة في الخارج أو في المنطقة الجمركية الحرة.
* الاستفادة من التسهيلات المتوفرة في المنطقة الجمركية الحرة لتخزين البضائع المستوردة بغية إعادة تصديرها, وإستئجار المكاتب في لبنان وتملّك العقارات اللازمة لنشاطها, مع مراعاة قانون تملّك الأجانب لحقوق عينية عقارية في لبنان.
* وضع الدراسات والإستشارات التي ستُستعمل خارج لبنان, بناءً على طلب مؤسسات موجودة في الخارج.


* شركة الهولدنغ (Holding)


هي شركة مساهمة ينحصر موضوعها بما يلي:
* تملّك أسهم أو حصص في شركات مغفلة أو محدودة المسؤولية, لبنانية أو أجنبية, قائمة أو قيد التأسيس.
* إدارة الشركات التي تملك فيها حصصاً أو أسهماً.
* إقراض هذه الشركات وكفالتها تجاه الغير.
* تملّك براءات الإختراع والإكتشافات والإمتيازات والماركات المسجّلة وسواها من الحقوق المحفوظة وتأجيرها من الغير في لبنان أو في الخارج.
* تملّك أموال منقولة أو غير منقولة شرط أن تكون مخصصة لحاجات أعمالها, مع مراعاة قانون تملّك الأجانب لحقوق عينية عقارية في لبنان.


* شركة التوصية المساهمة (societé en commandité par action)

هي تشبه الشركة المساهمة من حيث أن رأس مالها مقسّم الى أسهم متساوية القيمة, قابلة للتداول وللإنتقال بالوفاة, بيد أنها تختلف عنها بوجود فئتين من الشركاء: شركاء متضامنين يخضعون للنظام القانوني الخاص بالشركاء في شركة التضامن (سبق ذكرها), وشركاء موصين مسؤولين فقط في حدود حصصهم في الشركة, أي الأموال التي قدّموها للشركة؛ وشخصية الشريك الموصي لا وزن لها ولا إعتبار في شركة التوصية البسيطة, إذ الإعتبار الوحيد هو لنسبة مساهمته في رأس مال الشركة.

المرجع

أصول القانون التجاري * د. مصطفى كمال طه

جلال البستاني
28/2/2008, 10:56 PM
ما شاء الله عنك يا أستاذ مدحت مبدع في كل المجالات

جورج تادرس
29/3/2008, 03:19 PM
شكراااااااااااااااااا

هشام زايد
29/8/2008, 02:08 PM
http://www.s3udy.net/pic/salam_kalam002_files/10.gif
http://img170.imageshack.us/img170/8966/post229341167776378ry9.gif
http://www.yesmeenah.com/smiles/smiles/50/e%20(119).gif

رزاق ستلايت
13/9/2008, 02:44 PM
مشكور يعطيك الف عافية